شبح مبارك
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 6 سبتمبر 2011 - 8:27 ص
بتوقيت القاهرة
رغم مرور ثمانية أشهر على سقوطه ومثوله أمام القضاء، يشعر الكثيرون بأن «شبح مبارك» لايزال فى السلطة، وكأنه يجلس بجوار الدكتور عصام شرف فى مجلس الوزراء، يرسم معه الخطط، ويتخذ معه القرارات، مشاركا حكومته فى ارتكاب جريمة قتل روح ثورة 25 يناير، واغتيال أحلام ملايين المصرين فى التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية، بعد أن قتل وأصاب ــ قبل سقوطه ــ آلاف الثوار بالرصاص الحى!
روح مبارك لاتزال تهيمن على مجلس الوزراء ، وشبحه لايزال يعشش فى أركان مظلمة داخل مؤسساتنا السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية، لينفذ «سيناريو الفوضى» فى حياتنا، فى حين تشارك الحكومة بنصيبها فى هذه الجريمة بالتقاعس عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية لاستعادة الأمن المفقود، واتخاذ سياسات بديلة لسياسات مبارك فى مختلف المجالات.
حكومة شرف لاتزال تتمسك بفلسفة السوق، التى كانت سائدة خلال حكمى السادات ومبارك، وأصابت ملايين المصريين بالفقر والمرض والجهل، ولاتزال تضع كل ثقلها خلف المستثمرين أصحاب المليارات، دون ان تبحث عن تطبيق نموذج جديد لملكية وسائل الإنتاج كالتعاونيات مثلا، لتنفيذ سياسات عادلة فى توزيع الثروة القومية بدلا من تراكمها فى جيوب حفنة من محاسيب النظام السابق الذين تحوم حول معظمهم الشبهات!
حكومة شرف فشلت أيضا فى إعداد المسرح السياسى لإجراء الانتخابات المقبلة، وغابت تماما عن تنظيم حملات توعية لملايين الناخبين الذين عاشوا أجيالا وراء أجيال فى ثقافة الانتخابات المزورة، والقرارات الفوقية التى تلغى رأيهم، وهيمنة مباحث أمن الدولة على حياتهم، وخوفهم من السياسة باعتبارها الباب الخلفى لزوار الفجر وللمعتقلات ووجع القلب!
ويبدو أن حكومة شرف وقعت فى فخ يردده الكثيرون بأن المجلس العسكرى هو الذى ينبغى أن يأخذ القرارات الثورية، وتشرف هى فقط على تنفيذها رغم أن المؤسسة العسكرية، بطبيعة تركيبتها، ينبغى أن تتسم بالانضباط والنظام، وإلا فقدت قياداتها سيطرتها على مرءوسيهم، لنجعلها تلعب دورا ليست مؤهلة له، ولا ينبغى لها أن تلعبه من الأساس.. وهو ما لم يدركه شرف أبدا، وتصرف كرجل بيروقراطى ينتظر الأوامر لتنفيذها دون أن يبادر هو باتخاذ القرارات الصعبة، وكان دوما متأخرا عن حركة الناس، فأصبح تابعا للشارع، وليس قائدا له كما ينبغى ان يفعل الثوار.
أنا شخصيا لم أكن متفائلا بحكومة شرف، رغم تقديرى الخاص للرجل ونبل مقاصده وحسن نواياه، وقد أثبتت الأيام أن ثورتنا لاتزال تبحث عن ثوار يحققون الأهداف والغايات التى قامت من أجلها.. فهل تأتى الانتخابات القادمة بحكمة ثورية حقيقية أم اننا سوف نستنسخ «شرف» جديدا بشبح مبارك القديم.. هذا هو التحدى الذى نواجهه، دون ان نستعد له..!!