مستقبل مجموعة العشرين

قضايا إستراتيجية
قضايا إستراتيجية

آخر تحديث: الأربعاء 6 سبتمبر 2023 - 7:15 م بتوقيت القاهرة

فوّض الرئيس الصينى، شى، رئيس وزرائه لحضور قمة مجموعة العشرين نيابة عنه فى نيودلهى، والمزمع عقدها خلال الأيام القليلة القادمة، كما كلف الرئيس الروسى، بوتين، وزير خارجيته بالحضور. فى ضوء ذلك، نشر موقع Eurasia Review مقالا حول دلالة غياب الرئيسين الصينى والروسى عن القمة، إذ يشير ذلك إلى عدم توافقهما مع الولايات المتحدة وحلفائها، وعدم تمكنهما من فرض أجندتهما داخل المجموعة. أكد كاتب المقال أن هذا علامة مبكرة على انسحاب بكين وموسكو من المجموعة أو على الأقل تخفيف علاقاتهما معها، والتركيز بدلا من ذلك على منظمة شنغهاى للتعاون الاقتصادى، والتى تعتبر الصين وروسيا عضوين رئيسيين فيها يحاولان استقطاب أصدقاء لعضوية المنظمة، لتعظيم نفوذها... نعرض من المقال ما يلى.
ذكرت وكالة رويترز أن الرئيس الصينى، شى جين بينج، لن يكون موجودا فى قمة نيودلهى لمجموعة العشرين يومى 9 و10 من سبتمبر الجارى، ويفوض رئيس وزرائه لى تشيانج للحضور نيابة عنه، وبذلك يشير غياب الرئيسين بوتين وشى عن القمة إلى عدم توافقهما مع الولايات المتحدة وحلفائها، بما فى ذلك الهند.
يقول الكاتب إن هذا الخبر علامة مبكرة على أن الصين تفكر فى احتمال الانسحاب من مجموعة العشرين، أو على الأقل تخفيف علاقاتها معها، بسبب عدم توافقها المتزايد مع باقى أعضاء المجموعة. ومع إصرار الولايات المتحدة على ملاحقة روسيا بسبب غزوها الأخير لأوكرانيا وإمدادات الغرب المتزايدة من الأسلحة إلى كييف، ومع وطأة العداء الأمريكى الذى يتجلى من خلال العقوبات الخانقة ضد موسكو، فإن مشاركة الأخيرة فى أى منتدى دولى تشارك فيه واشنطن (بخلاف الأمم المتحدة) أصبحت غير مقبولة على نحو متزايد. لذا، لا عجب أن يقرر فلاديمير بوتين أيضا الابتعاد عن قمة نيودلهى والسماح لوزير خارجيته سيرجى لافروف بتمثيله.
ورغم أن الصين لا تخضع للعقوبات الغربية، إلا أنها تجد صعوبة أيضا فى فرض أجندتها فى أى منظمة تكون الولايات المتحدة عضوة فيها (بخلاف الأمم المتحدة). بل يزداد الأمر تعقيدا بالنسبة للصين بسبب دعم الولايات المتحدة للهند، عسكريا وسياسيا، فى محاولة لجعلها تتفوق على بكين فى جنوب آسيا، والمحيط الهندى، وحتى فى منطقة المحيط الهادئ الهندى. إذ تنظر الصين إلى الهند باعتبارها تهديدا فى جوارها المباشر، وبالتالى فإنها تستخدم قضية الحدود كنقطة ضغط لإجبارها على الانحناء. وفى هذا السياق، وعلى الرغم من أن شى أظهر انفتاحه فى قمة بريكس الأخيرة بجوهانسبرج، إلا أنه عاد وأغلق نافذة الأمل بعد ثلاثة أيام من خلال دفع حكومته إلى نشر خريطة منقحة للصين لعام 2023 تظهر ولاية أروناشال براديش، وممر أكساى تشين، المنطقتين المتنازع عليهما بين الهند والصين، كجزء من الصين. وكرد فعل، احتجت نيودلهى بشدة على نشر بكين هذه الخريطة. ورغم أن النزاع قديم، إلا أن تكراره بعد فترة وجيزة من انعقاد قمة بريكس وبالقرب من قمة مجموعة العشرين، يبعث برسالة مفادها أن موقف الصين لا يزال متطرفا.
بجانب كل ما ذكر، الصين أيضًا العضو الوحيد فى مجموعة العشرين الذى اعترض على شعار القمة «Vasudaiva Kutumbakam» وهو مفهوم يعبر عن العالم كونه «أرض واحدة ــ عائلة واحدة ــ مستقبل واحد». ويشكل اعتراض الصين على ذلك اعتداء مباشرا على محاولة مودى جعل مجموعة العشرين 2023 منصة انتخابية لحزبه، بهاراتيا جاناتا، مع الشعار الرسمى لمجموعة العشرين 2023 وهو «زهرة اللوتس»، الرمز الانتخابى لحزب بهاراتيا جاناتا.
ألقى اعتراض الصين الماء البارد على آمال نيودلهى فى تطبيع العلاقات مع بكين وأمل رئيس الوزراء مودى فى استخدام ذلك لصالحه فى الانتخابات البرلمانية فى مايو 2024. فالصين تنظر إلى مودى باعتباره زعيما هنديا قويا يتمتع بنفوذ متزايد فى العالم. ولذلك، ترى بكين ضرورة هزيمة مودى. ويعد غياب شى عن قمة مجموعة العشرين جزءا من ذلك. بعبارة أوضح، نقلت رويترز عن خبراء دوليين أن غياب شى عن القمة يمكن تفسيره على أن الصين لا تريد «التنازل عن مركز الصدارة للهند». بمعنى أن بكين لا ترغب فى أن تكون نيودلهى صوت الجنوب العالمى، أو أن تكون الدولة التى تستضيف قمة مجموعة العشرين.
• • •
بالنسبة لكل من الصين وروسيا، أصبحت منتديات مثل مجموعة العشرين ومجموعة بريكس مرهقة، على عكس منظمة شنجهاى للتعاون الاقتصادى حيث تعتبر بكين وموسكو لاعبين رئيسيين فيها. وفى محاولتهما لتحصين نفسيهما ضد الهجمات التى تقودها الولايات المتحدة فى المنتديات العالمية، تعمل كل من روسيا والصين على إقناع الدول الصديقة بأن تصبح أعضاء فى التكتل الاقتصادى. وقد تكون الصين أكثر استفادة فى هذا المضمار مقارنة بروسيا بسبب حجم اقتصادها ونفوذها المالى وحرصها وقدرتها على الاستثمار فى جميع أنحاء العالم فى مشاريع البنية التحتية باهظة الثمن.
أخيرا، أعرب الرئيس الأمريكى جو بايدن عن خيبة أمله لغياب نظيره الصينى عن قمة العشرين فى الهند، مؤكدا أنه «سيتمكن من رؤيته» رغم ذلك. وبما أن الاقتصاد الصينى مرتبط بقوة بالاقتصاد الأمريكى، فمن المتوقع أن يشارك شى فى اجتماع قادة منتدى التعاون الاقتصادى لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) فى سان فرانسيسكو فى نوفمبر المقبل، حسب وكالة رويترز، ويمكن عقد اجتماع بين شى وبايدن هناك.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف
النص الأصلي

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved