ملاحظات من مؤتمر COP26
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 6 نوفمبر 2021 - 7:55 م
بتوقيت القاهرة
بمناسبة انعقاد الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ COP26 فى جلاسكو فى اسكتلندا والتوصيات التى خرجت منه.
ندرك جميعا أننا نملك الواجب فى أن يظهر لشعوب العالم بأسره ما إذا كانت هناك بالفعل إرادة سياسية لتخصيص المزيد من الموارد البشرية والمالية والتكنولوجية بأمانة ومسئولية وشجاعة للتخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ وكذلك لمساعدة السكان الأكثر فقرا والأشد ضعفا، والذين يتألمون أكثر من غيرهم. الجائحة التى تجتاح بشريتنا. إلى جانب المآسى المختلفة التى حملها خاصة فى ظل فيروس الكورونا، يعلمنا الوباء أيضا أنه ليس لدينا بدائل ولن نتمكن من هزيمته فقط إلا إذا شاركنا جميعا فى هذا التحدى. الذى يتطلب تعاونا عميقا وتضامنيا بين جميع شعوب العالم.
من الضرورى أن نفعل الشىء نفسه فى مواجهة مشكلة تغير المناخ العالمية. ليس لدينا بدائل. لا يمكن أن تتحقق الأهداف المكتوبة فى اتفاقية باريس إلا إذا عملنا معا بطريقة منسقة ومسئولة. ويجب لمؤتمر COP26 أن يساهم بشكل فعال فى هذا البناء الواعى للمستقبل، حيث يمكن للتصرفات اليومية والاستثمارات الاقتصادية والمالية أن تحمى حقيقة ظروف حياة تليق ببشرية اليوم والغد فى كوكب «سليم». إنها مرحلة تغير، وتحدٍّ حضارى نحن فى حاجة إليه وهو التزام الجميع ولاسيما البلدان ذات القدرات الأكبر والأغنى، والتى يجب أن تلعب دورا رائدا فى مجال التمويل، وإزالة الكربون من النظام الاقتصادى وحياة الأشخاص، وتعزيز الاقتصاد، ودعم البلدان الأكثر ضعفا من أجل نشاطات التكيف مع آثار تغير المناخ وتحمل للخسائر والأضرار الناجمة عن هذه الظاهرة.
علينا باستراتيجية لخفض الانبعاثات الصافية إلى الصفر والتى تتحرك على مستويين: الأول التزام الدول بتحقيق هذا الهدف بحلول عام ٢٠٥٠؛ والثانى، التزامها بتعزيز التربية على البيئة النظيفة، إذ ندرك جيدا أنه يجب دمج التدابير السياسية والتقنية والتشغيلية مع عملية تربوية تعزز ــ لاسيما بين الشباب ــ يتمحور حول الإخوة والعهد بين الإنسان والبيئة الطبيعية.
فى ٤ أكتوبر التقى العديد من القادة الدينيين على رأسهم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس للتوقيع على نداء مشترك فى ضوء COP26. فى تلك المناسبة، استمعنا إلى أصوات ممثلى العديد من الأديان والتقاليد الروحية، من مختلف الثقافات والمجالات العلمية. كان التقارب القوى بين الجميع فى الالتزام إزاء الحاجة الملحة لبدء تغيير فى المسار القادر على أن ينتقل بحزم وقناعة من «ثقافة الإقصاء» السائدة فى مجتمعنا إلى «ثقافة العناية ببيتنا المشترك» والذين يعيشون فيه أو سيعيشون فيه.
ومرة أخرى، مسألة الديون الخارجية، التى غالبا ما تعيق ضغطها تنمية الشعوب. يمكن ويجب لمرحلة ما بعد الجائحة إطلاق إجراءات تفاوضية دقيقة للإعفاء من الديون الخارجية المرتبطة بهيكلية اقتصادية أكثر استدامة وعدلا، تهدف لدعم حالة الطوارئ المناخية التى نعيشها الآن. من الضرورى أن تساهم البلدان المتقدمة فى الحل عن طريق الحد بشكل كبير من استهلاك الطاقة غير المتجددة، ومن خلال المساهمة بالموارد فى البلدان الأكثر احتياجا لتعزيز سياسات وبرامج تنمية مستدامة. يمكن للجميع أخيرا أن يشاركوا فيها.
يجب أن نقول بصراحة إلى أى مدى نحن بعيدون عن تحقيق الأهداف المرجوة لمكافحة تغير المناخ. ففى ضوء الـ COP26، ظهر بوضوح أنه لم يعد هناك وقت للانتظار؛ وأنها كثيرة الوجوه البشرية التى تتألم بسبب أزمة المناخ، فبالإضافة إلى آثارها المتكررة والمكثفة بشكل متزايد على الحياة اليومية للعديد من الأشخاص، ولاسيما لفئات السكان الأكثر هشاشة، نحن ندرك أنها أصبحت أيضا أزمة لحقوق الأطفال وأن المهاجرين البيئيين الذين سيكونون فى المستقبل القريب أكثر عددا من لاجئى الصراعات. وبالتالى علينا أن نتصرف بسرعة وشجاعة ومسئولية، وأن نعمل أيضا لتحضير مستقبل تكون فيه البشرية قادرة على الاعتناء بنفسها وبالطبيعة.
إنَ الشباب، الذين طلبوا خلال السنوات الأخيرة بإصرار أن نتحرك، لن يكون لديهم كوكب مختلف عن الكوكب الذى نتركه لهم، وعن الكوكب الذى يمكنهم أن ينالوه وفقا لخياراتنا الملموسة اليوم. إنها لحظة اتخاذ القرار والعمل على تنفيذها ولا تبقى حبرا على ورق الذى سيمنحهم الأسباب لكى يثقوا بالمستقبل.