(غروب وشروق)

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الأحد 7 مارس 2010 - 10:49 ص بتوقيت القاهرة

 فى خضم الأخبار المحزنة ثمة أشياء قد تبدو صغيرة إلا أنها تدعو للبهجة.. على رأسها الصغيرة «شروق» تلميذة الصف الأول الإعدادى التى لكزتنى برسالة على بريدى الإلكترونى فأخرجتنى من كهوف العتمة وجعلتنى أردد مع محمود درويش «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».

فبينما تحاصرنا أمواج الكآبة والحزن من الموقف العربى الرسمى مما يجرى فى القدس الشريف والمسجد الأقصى، وبينما السادة القائمون على أمر الرياضة فى مصر لا يشعرون بالخجل وهم يدافعون عن ذهابهم للعب مباراة كرة قدم فى القدس، ولا تعرف القشعريرة طريقا إلى ضمائرهم، وهم يتهافتون على السفر بتأشيرات إسرائيلية، تسطع «شروق» برسالتها العفوية البديعة لتعلن أن فى مصر بقايا ضمير إنسانى.

لكن قبل أن أترككم مع سطور رسالة الصغيرة «شروق» أعلن من الآن توبتى عن تشجيع فريق برشلونة لكرة القدم وأدعو أصدقائى الكتالونيين عماد الدين حسين، وعمرو خفاجى، وإبراهيم عيسى، وأسامة خليل للتوقف فورا عن تشجيع «البارسا»، كما أعتذر لابنى العزيز محمد عن كل ما حشوت به دماغه عن روعة وجمال «برشلونة» ليس فقط كفريق كرة قدم، بل كقيمة ثقافية وإنسانية محترمة.

فبعد أن كشفت الصحافة الإسبانية أن رئيس نادى برشلونة «خوان لابورتا» قرر الاستعانة بفرقة أمن إسرائيلية لحراسة النادى مما توهمه من هجمات عربية على مقر النادى، فإن تشجيع «البارسا» أصبح عارا على كل عربى.

أعود إلى «شروق» ذات الثلاثة عشر ربيعا ورسالتها التى نزلت بردا وسلاما على روح تشبعت بما يكفى من أسباب الحزن والقرف، ذلك أنى لم أكن أتصور أن تلميذة الإعدادى تعرف بطلا عظيما اسمه عبدالمنعم رياض تحل ذكرى استشهاده بعد غد (9 مارس) تقول «شروق» :

«اسمي شروق محمد صبرى محمد طالبة بالصف الأول الإعدادى.. أدعو جميع المصريين الذين يحبون بلدهم الغالى مصر للحضور يوم 9 مارس المقبل إلى الإسماعيلية عند موقع استشهاد البطل عبدالمنعم رياض بجوار المعدية الساعة الرابعة إلا الربع (الوقت الذى استشهد فيه يوم 9 مارس سنة 1969 وسط جنوده وضباطه أثناء المعارك مع العدو)...

أنا وأختى الأصغر منى وبابا وماما هنكون هناك.. وأنا سوف أحكى لكم القصة.. مرة أختى الصغيرة قالت لبابا إحكى لنا حدوتة.. وبابا فكر شوية وقال: فيه مصريين عملوا حاجات أكبر وأجمل من أبطال الحواديت.. وحكى لينا حاجات كتير.. لكن أكتر حكاية عجبتنى حكاية البطل (عبدالمنعم رياض) وطلبنا من بابا إن نروح المكان اللى استشهد فيه لكن بابا قال: الأحسن نروح يوم 9 مارس، وقال لواحد صديقه.. وصديقه قال نروح كمان سوا الأسرتين.. وكل حد عرف حضر معانا فى نفس الموعد.. واتجمعنا وكان فيه ناس كتير حضرت من بلاد تانية.. وكل اللى عرف بالفكرة حضر.. وعملنا تشيرتات عليها صورة البطل والناس كلها كانت لبساها.. والسنادى ياريت العدد يكون أكتر علشان الناس تفضل فاكرة البطل عبدالمنعم رياض وكل الشهداء اللى ضحوا بحياتهم علشان بلدنا وعلشانا إحنا.. وعلى فكرة أسرتنا هتروح كل سنة فى نفس الميعاد.. ألقاكم هناك».

شكرا شروق.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved