من يحمى جمهورية «التوك توك»
محمد سعد عبدالحفيظ
آخر تحديث:
السبت 7 مارس 2020 - 8:50 م
بتوقيت القاهرة
لم تعد ظاهرة انتشار «التوك توك» دليلا على عشوائية شوارع الدولة وعدم انضباطها فحسب، بل صارت دليلا على تحولها إلى ساحات للبلطجة والإجرام، بعد أن تحولت «التكاتك» إلى وسيلة للسرقة بالإكراه وترويج المخدرات فى شوراع المدن الرئيسية، ليس فقط فى شوارع وحوارى المناطق العشوائية.
يوم الأربعاء الماضى، وبينما ابنى الأكبر عبدالرحمن فى طريقه إلى صالة ألعاب رياضية بشارع السودان بالقرب من شارع أحمد عرابى بحى العجوزة، استوقفه شابان يستقلان «توك توك» وطلبا منه المساعدة فى دفعه بدعوى أنه «عطلان»، وفى لحظة انقض أحدهما، مختطفا هاتفه المحمول وسارع بالهرب أمام المارة دون أن يلاحقه أحد.
استغاث ابنى وشقيقه الأصغر بمدربهما فى صالة الألعاب، حتى يلحقوا بمستقلى «التوك توك» لكنهما «فص ملح وداب»، توجهت مع ابنى لقسم العجوزة واستقبلنا رئيس المباحث المقدم مصطفى خليل وقام بالإجراءات اللازمة من تحرير محضر إلى معاينة مكان الواقعة والتحرى عن مرتكبيها.
بالطبع لم يكن «التوك توك» يحمل أى لوحات أو أرقام تدل على ترخيصه أو هوية مالكه، فهذه الوسيلة للأسف تعيث فى شوراعنا فسادا دون أى لوحات أو أوراق ترخيص لها أو لسائقيها.
ورغم ما تردد تحت قبة البرلمان أكثر من مرة خلال السنوات الماضية عن وضع تشريع أو تعديل للتشريعات القائمة لتنظيم وتقنين عمل «التكاتك» إلا أن السادة نواب الشعب لم ينتهوا من تشريع يجبر الحكومة على ضبط شوارعنا وتنظيم عمل تلك الوسيلة، ولم ينشغل السادة مسئولو المحليات ومنهم محافظة الجيزة ــ أكثر المحافظات عشوائية من وجهة نظرى ــ بالبحث عن حل لتلك الكارثة حتى يصدر تشريع منظم.
فى ديسمبر الماضى ناقشت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، طلب إحاطة مقدم من النائب ممدوح الحسينى؛ بشأن تفعيل الأحكام المنظمة لترخيص التوك توك بقانون المرور.
وقال مقدم طلب الإحاطة إن هناك 3 ملايين توك توك على مستوى مصر، ثلاثة أرباعها يتهرب من الحصول على تراخيص؛ بسبب المغالاة فى الرسوم التى تتراوح بين 5 إلى 6 آلاف جنيه شاملة رسوم تأمين، علاوة على كون غرامة تأخير الترخيص تصل لـ2000 جنيه، ما يعنى أن رسوم التراخيص سنويا ستصل إلى ٦ مليارات جنيه، فى حالة الترخيص لكل مركبات التوك توك.
وطالب الحسينى بتخفيض رسوم المؤسسة والضرائب والاكتفاء برسوم تراخيص وزارة الداخلية لتقنين أوضاع التوك توك، وتفادى أعمال السرقات والخطف والبلطجة التى تتم من خلاله.
خلال نفس الجلسة رد اللواء ألبير زكى، وكيل الإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية، وقال إن تراخيص التوك توك منظمة فى قانون المرور، وإن إصدار الترخيص بـ400 جنيه تقريبا ولا يتجاوز 200 جنيه عند التجديد، مشيرا إلى أن هذه المركبة تعمل فى نقل الركاب، ولها اشتراطات أخرى، وجهات أخرى تمثلها وليست متعلقة بوزارة الداخلية، مضيفا أن وزارة الداخلية تجرى ضبطيات ومأموريات ويتم فيها التحفظ على المركبة التى يقودها طفل.
الحسينى بدوره دعا إلى شن حملات من الوحدات المحلية والشرطة لضبط أى توك توك يسير خارج المناطق الشعبية، كما طالب بحصر كامل لأعداد التوك توك والأعداد المرخصة منها، واقترح مناقشة طلب الإحاطة فى الجلسة العامة بحضور وزير الصناعة والتنمية المحلية.
انتهت جلسة اللجنة البرلمانية بتبادل مؤسسات الدولة المختلفة الاتهامات، وكأن كل وزارة تعمل منفردة أو فى الفراغ وليس ضمن حكومة واحدة، من المفترض أن هناك تنسيقا دائما بين وزرائها، وكأن ممثلى تلك الوزارات لا يعنيهم سوى دفع المطاعن عن وزارتهم.
قبل تلك الجلسة بشهور قليلة تداولت وسائل الإعلام اقتراحا حكوميا باستبدال «التوك توك» بسيارات «مينى فان»، وحسب ما نشر حينها وجّه رئيس الوزراء مصطفى مدبولى بوضع نص بقانون المرور الجديد يفيد بإحلال «التوك توك» بسيارت آمنة ومرخصة، وسرعان ما اختفى الاقتراح الذى من شأنه الحفاظ على شوارع البلد من تسيير وسيلة مواصلات مجهولة تستخدم فى السرقات وأعمال البلطجة.
لا أعلم متى ستلتفت الحكومة والبرلمان إلى خطر مركبات «الإجرام» التى ترهب المواطنين فى شوارع المحروسة؟، وهل سيلتفت نواب البرلمان إلى هذا الخطر قبل أن يعود كل نائب إلى دائرته للبحث عن مقعده فى الانتخابات المقبلة؟.