نداء إلى السيد غبور؟!
وحيد حامد
آخر تحديث:
الثلاثاء 7 أبريل 2009 - 9:33 م
بتوقيت القاهرة
السيد غبور المحترم..
لما كانت لى عندك حاجة، ولأنى لا أعرفك، فقد سألت عنك قبل أن أتخذ قرارى وعرض حاجتى عليك.. فإذا سمعت خيرا تقدمت مسرورا بحاجتى إليك وإذا سمعت ما هو ليس خيرا كففت نفسى وامتنعت وحفظت كرامتى فأنا لا أحب أن يردنى أحد خائب الرجاء مكسور الخاطر، خاصة أننى لا أطلب لنفسى ولكن لغيرى.. والحمد لله حمدا كثيرا كلما سألت أحدا قال خيرا عنكم وأشاد وأفاض..
أحدهم قال: إنك ابن خالة السيد الوزير يوسف بطرس غالى وزير المالية الذى نحبه جميعا والراعى الرسمى لجميع «التكاتك» فى عموم القطر المصرى إلا أن هذا الشخص كان بصحبة صديق وهذا الصديق تطوع قائلا: إن السيد الوزير هو اللى ابن خالتك وإذا كان سيادته راعى «التكاتك» فأنت أيها الرجل الفاضل صانعها الأول.. إلا أن هناك صديقا أثق فيه تماما قال لى إنهما أولاد خالة من بعيد..
ثم إن الأقباط كلهم قرايب بعض وأنا أضيف وقرايب المسلمين كمان.. ولأنها حسبة معقدة وفزورة صعبة الحل على أمثالى، ولأنى أبحث عن الأشياء التى تخلق تواصلا بينى وبينك فقد قالوا لى إنك من رجال الأعمال الشرفاء والموثوق بهم، وأن مجال أعمالك هو صناعة السيارات وتجارتها. وهنا أتوقف قليلا للتهنئة.. فهى واجبة بمناسبة اختيار السيارة اللذيذة النميسة التى تنتجها مصانعكم لتكون ضمن الأنواع الأربعة التى وقع عليها الاختيار لتكون التاكسى الجديد..
ولو كنت أعرف عنوانكم لأرسلت الورود والبرقيات لك ولأصحاب الشركات الأخرى الذين وقع عليهم الاختيار.. والحقيقة أن جميعكم من الكبار والأخيار ولا يستطيع أى إنسان أن يميز أحدا منكم عن الآخر.. كذلك علمت ــ وهذا هو المهم ــ أنك رجل فاضل.. وطنى مخلص.. غيور على هذا البلد الذى هو مصر.. صحيح أنك لست من المسئولين.. لكنك من المؤثرين..
ولو كنت مسئولا ما لجأت إليك فى أى مسألة سواء كانت كبيرة أو صغيرة.. فأنت تعلم أن المسئولين فى هذا البلد لا يهشون ولا ينشون، ثم إننى أدرك تمام الإدراك أن حل المشكلة التى أقصدك فيها لك وحدك وبيدك لا بيد غيرك..
ولأنى علمت أنك رجل متحضر ولا يعجبك حالة التخلف الحضارى والانهيار السريع والمفاجئ الذى أصاب المجتمع المصرى.. فأصبحت مصر كلها وطنا عشوائيا إلا قليلا.. فإنى أيها الرجل الوطنى المصرى الجنسية ألتمس منك أن تكف عن صناعة «التكاتك» وتأمر بوقف خطوط إنتاجها وتحولها إلى إنتاج سيارات مشروع التاكسيات الجديد.. وبارك الله فيما رزق من «التكاتك»..
وأنت تعلم يا سيدى أنه تم استيرادها بأعداد قليلة وصناعتها بأعداد كثيرة دون أن تكون هناك موافقة على ترخيصها وهذا أمر غريب ومدهش ومحير.. ولكن «السبوبة» كانت حلوة.. واللقمة كانت طرية ويا بخت صاحب النصيب.. ونضيف بالمرة «اللهم لا حسد»..
وعندما يتم وقف الإنتاج فإن السيد الوزير ابن خالة سيادتك من بعيد سيوقف الاستيراد فهو الذى فتح الباب وهو الذى سيغلقه وسيجد الأسباب الضرورية للإغلاق، فالمصيبة قد انتشرت وأصبحت الشوارع لا تستوعبها وهى تنطلق فى عشوائية كأنها مجموعات من الصراصير تثير الفزع والقرف فى آن واحد..
وطبعا يا سيد غبور باعتبارك مصريا أصيلا لا تنطلى عليك كل المزاعم الكاذبة التى استخدمت لتواجد هذا الوباء (الذى ساهمت فيه) على أرض الوطن.. فليس صحيحا أو حتى منطقيا أنه مشروع لتشغيل العاطلين تطبيقا لبرنامج الرئيس فهذا ظلم للرئيس وظلم للعاطلين.. فرصة العمل التى يقصدها السيد الرئيس فرصة عمل منتجة لا فرصة عمل طفيلى غير منتج ترتب على وجوده زيادة معدل الجريمة وانتشار الفوضى والقبح وإهدار القانون وعرقلة المرور وإفساد الحياة الاجتماعية المصرية..
ولا تقل لى أيها الرجل الأصيل إن هناك أعضاء مجالس متعددة فى الحكم المحلى والمجالس النيابية يساندون «التوك توك» ويدعمونه كأنه ابنهم الرضيع فأنت أدرى بهم أكثر منى ولديك الخبرة والفطنة وحسن الإدراك لتعرف المفاتيح التى تشغلهم..
هناك من يشتغل باللمس وهناك من يشتغل بالهمس.. وهناك من يشتغل عمال على بطال.. ولأنى فلاح يا سيد غبور فقد تعلمت من أهلى الكثير فالعناية «بالبقرة التى تجر المحراث وتدور فى الساقية وتدر علينا اللبن كل صباح أولى بالاهتمام والرعاية من (العجل) الواقف خلف كومة من التبن والعليق يأكل ويأكل فهو عجل للتسمين ومصيره الذبح.. والمؤسف أن بعض البشر تحولوا إلى عجول تسمين، أصبح الأكل عندهم عادة مستمرة فهم يأكلون ويأكلون ويأكلون..
وطبعا يا سيد غبور القضية كما تعلم لها علاقة وثيقة بالتقدم والتحضر والرقى وخاصة أننا دولة سياحية كما يقال.. وأنت تسافر كثيرا وتشاهد أحوال الدنيا وتدرك أهمية التقدم، فلماذا تصنع لنا هذه الآلة المتخلفة... وتعلم أن مصر لو أصبحت فى حالة كانت عليها دول قارة آسيا الفقيرة والمعدمة فلن يطيب لك العيش فيها لأنها لن تكون الوطن الذى ولدت على أرضه ونشأت على خيره..
والمال يا سيد غبور ليس كل شىء.. والتجارة مشروعة.. ولكن نحن لا نتاجر فى دم الوطن.. والصناعة مطلوبة بشرط أن نصنع ما يفيد.. هذه حاجتى إليك يا سيد غبور... لا أطلبها من حكومة فاقدة البصر والبصيرة.. ولكن أطلبها منك يا نافذ البصر.. والله المستعان.