دورى أم.. دورة ؟
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الخميس 7 أبريل 2011 - 9:42 ص
بتوقيت القاهرة
●● البورصة، والنشاط الرياضى، والأمن، ثلاثة مجالات تعكس الاستقرار، وتجذب الاستثمار، وتحفز الاقتصاد. وعندما نهتم بعودة كرة القدم، فإن ذلك يعد اهتماما بانتصار الحياة الطبيعية على الفوضى والبلطجة. والنشاط الرياضى لايعنى ولن يعنى تراجع الاهتمام الشعبى بالسياسة. كل الشعوب التى تعيش حياتها فى صحة اجتماعية وإنسانية، تهتم بالسياسة، والرياضة والفن والاقتصاد والأدب والثقافة. وتلك الشعوب يحكم تصنيفها وطبقاتها ووظائفها الكفاءات والمواهب، ومدى إبداع الفرد.. ونجوم تلك المجتمعات يتنوعون، فهم سياسيون ورياضيون وفنانون وأدباء وأطباء ومهندسون.. وأكرر ما أكدته من قبل، وهو أنه فى الثلاثين عاما الماضية تجلت ظاهرة كرة القدم، وظلت الاهتمام الأول والأخير، وعاش الناس مرحلة من أسوأ المراحل، وهى تلك التى اختصر فيها الوطن فى فريق، واختصرت فيها المشاعر الوطنية والأناشيد فى الفوز ببطولات ومباريات، فكان يكفى هدف واحد فى مباراة كى يخرج الآلاف إلى الشوارع والميادين فرحا واحتفالا، ثم تغنى شيرين «ماشربتش من نيلها».. هل سمعتم يوما سيلين ديون تغنى «ماشربتش من المسيسبى» حين تأهلت أمريكا لكأس العالم؟!
●● كانت مصر طوال حكم النظام السابق عبارة عن ملعب كبير. يلهو فيه الشعب، ويلهى بألعاب.. وكان قادة هذا النظام وحاشيته وأتباعه يقفون ويتابعون المشهد فى لذة مشاهدة أثرياء روما لمصارعة المجالدين التى يفوز فيها من يبقى على قيد الحياة، فيما يموت المهزوم، وهؤلاء هم أنفسهم الذين اختلقوا قضايا تافهة أثارت الرأى العام، مثل معارك وخناقات شخصية، واحتقانات طائفية غير حقيقية، ومعارك كروية على سبيل التسلية، وحراك سياسى غوغائى، ارتفعت فيه قيمة الكذب والتمثيل والادعاء على قيم العدل والمساواة والحرية والصدق والحق.
●● تلك مقدمة، للتعليق على فكرة عودة الدورى بدون هبوط، وأتناولها قبل صدور القرار، ليكون رأيى لاعلاقة له بما قرره اتحاد الكرة سواء بإلغاء الهبوط أو بإقراره. فالإلغاء يعد انتهازية رياضية، وتبريره بأنه نتيجة توقف الدورى، يعنى إلغاء امتحانات هذا العام فى المدارس والجامعات بسبب توقف الدراسة لأسابيع.. ثم إن جوهر مسابقة الدورى يقوم على المنافسة فى القمة، سعيا للفوز باللقب. والصراع فى القاع هربا من الهبوط. وحين يكون الدورى بلاهبوط، فإن جزءا منه يموت.
●● كل مواطن يحلم ببدء عصر الكفاءات والمواهب، وتميزهم، بعد سنوات من زمن المنافقين، وتدليل التنابلة والمتخلفين، والسعى المحموم من الفاشلين لعرقلة الناجحين، ولعلكم تذكرون منح مكافآت للاعبين يهزمون، تحت دعوى مكافأة إجادة.. والذين يطالبون بإلغاء الهبوط هم المرشحون له. وهو يساوى شغب جمهور فى مباراة، لأن فريقه خسرها.. وذلك يعد فسادا رياضيا، وانهيارا لقيم المنافسة وأخلاقها.. إلغاء الهبوط يجعل الدورى مجرد دورة.