عمر سليمان مرشح الإسلام السياسى
وائل قنديل
آخر تحديث:
الأحد 8 أبريل 2012 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
كان المشهد غريبا ولافتا ومثيرا للأسى فى قاعة مؤتمر على قدر كبير من الأهمية بما يجعل إصرار عدد من النواب المنتمين لحزب النور على تغطية مجسمين فنيين فى القاعة نوعا من الانشغال بتوافه الأمور، على حساب الجاد والحقيقى من قضايا تواجه مصر.
المكان: قاعة المؤتمرات بفندق على شاطئ الإسكندرية ــ مدينة الفنون وعاصمة الثقافة العربية ومركز الإشعاع الحضارى على المتوسط ــ والموضوع عن استقلال القضاء ودوره ووضعيته فى دستور مصر القادم، بدعوة من مستشارى النيابة الإدارية، الهيئة المنوط بها محاربة الفساد الإدارى فى مصر، والتى جرى تقليص دورها واختصاصاتها على نحو يجعل التصدى للفساد شيئا من الماضى.
وحسب العاملين فى الفندق فقط طلب منهم أحد نواب البرلمان الجدد إزالة المجسمين من القاعة لأن وجودهما حرام، وحين أبلغوه بأنهما مثبتان فى الأرضية ولا يمكن رفعهما أصر على تغطيتهما بمفارش، ولم يلتفت لهذا الموقف العجيب سوى المستشار محمود بيرم التونسى نائب رئيس النيابة الإدارية (حفيد الشاعر الرائع بيرم التونسى) الذى انتقد هذا التصرف فى كلمته وطالب بتفسير له إلا أن أحدا لم يفسر أو يبرر.
وأزعم أن هذا المشهد يلخص حالة مصر الآن، فبينما الجميع منشغلون بثورة يتم خنقها ووأدها كل يوم، وفيما النظام البائد يعيد تجميع صفوفه، ويتأهب للانقضاض على البلد مرة أخرى، وبدلا من أن ينصرف تفكير القوى السياسية ،التى لولا الثورة ما كان قد سمع عنها أحد، إلى التصدى لرياح الثورة المضادة العاتية.. بدلا من ذلك تجد بعضهم للأسف يقدم دعما إضافيا للسادة الفلول الذين عاودوا الظهور على مسرح الأحداث بحجة الحفاظ على الدولة المصرية وهويتها المدنية من الذين يريدون الرجوع بها إلى الوراء.
وبالمناسبة دارت أحداث موقعة التماثيل فى اللحظة ذاتها التى كان فيها نائب المخلوع عمر سليمان يعلن فيها قرار الترشح للانتخابات الرئاسية (لكى ينقذ مصر) يا حرام.
ومن الواضح أن عمر سليمان ما كان يجرؤ على الاقتراب من فكرة خوض الانتخابات الرئاسية لو لم تتم صناعة هذا الطقس المفزع باستخدام تيارات إسلامية تطلق خطابا مخيفا، وتقدم أداء يثير القلق، وأكرر ما قلته من قبل: إن ظهور خيرت الشاطر استدعى على الفور ظهور عمر سليمان، وكأن ترشيح الشاطر كان الهدية التى ينتظرها الفلول ليطلوا على الساحة من جديد.
ولو دققت فى اللحظة التى عاد فيها رجل المخابرات ونائب المخلوع ستجد أن هناك تسخينا مصطنعا على الحدود مع الصهاينة، بما يشى بأن الجبهة الخارجية قلقة وتحتاج إلى (رجل قوى) حتى ولو كان طوال مسيرته صديقا مقربا من الصهاينة.. وستجد أيضا تسخينا مشابها على الجبهة الداخلية، من خلال النفخ والتضخيم فى خطر صعود الإسلاميين وتهديد ذلك للوحدة الوطنية وتماسك المجتمع، مع الأخذ فى الاعتبار أن قوى الإسلام السياسى مساهمة فى صناعة لوحة الفزع هذه، بأخطائها ،المتعمدة منها، وغير المتعمدة.
ولو قلت أن عمر سليمان يدين بالفضل فى قرار ترشيحه لهؤلاء الذين ينشغلون بالتماثيل والدمى أكثر من انشغالهم بالبشر فلن تكون بعيدا عن الحقيقة.