المجتمع المدنى: أفكار خارج الصندوق
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 7 أبريل 2023 - 7:15 م
بتوقيت القاهرة
الملاحظ فى إعلانات التلفزيون هذا العام والمتعلقة بنشاط الجمعيات الخيرية أنها انحسرت بعد فيضان. جاء عددها أقل وخفت تلك الحدة التى كانت دائما تتعاظم من إعلان لآخر لاستدرار الشفقة وربما الضغط الذى يتصور صاحب الإعلان أنه الوسيلة الأمثل لدفع المواطن المصرى إلى التبرع بأقصى ما يمكنه أن ينفق فى سبيل الله والإنسانية. بقت بعض إعلانات راقية مؤثرة تصل إلى القلب مباشرة لتحدث أثرا يؤنس الإنسان ويدفعه بالفعل إلى التبرع طواعية إلى ذلك المركز الذى يديره جراح القلب الأشهر مجدى يعقوب.
أعتقد أن هذا جاء نتيجة لما سنته الدولة هذا العام من مشروع لتجميع كل جهود المجتمع المدنى فى تحالف الجمعيات الأهلية الخيرية والذى ننتظر نتائجه ونتمنى أن نتعرف على ما حققه للصالح العام من أهداف.
رغم أننى بالفعل حتى الآن ما زلت أنتظر معرفة الهدف من جمع كل تلك الجمعيات الأهلية فى تحالف واحد رغم تباين أهدافها وإن اجتمعت فى النهاية على هدف واحد هو خدمة المواطن المصرى فى مواقع اقتصادية واجتماعية وإنسانية يحتاج فيها العون والمساعدة إلا أن التنوع والاختلاف فى أداء ذلك الجهد يظل مطلوبا. كما أن اختلاف الأداء وتباين النشاطات يخلق أفكارا تنافسية متجددة قد لا تتوافر إذا خضع الجميع لمركزية فكر بعينه حتى لو تبنته الدولة.
لعل فيما يحدث خيرا لا أدركه وربما كانت هناك رؤية غائبة عنى، لدى اقتراح لا يتعارض ووجود هذا التحالف بل وإن جنح إلى طريق موازٍ له فإنه فى النهاية يدعم فكرة دور فاعل للمجتمع المدنى فى دعم الدولة ومساندة جهودها ولا يخل على الإطلاق بصيغة التحالف الحالية.
التبرع لمؤسسات الدولة الخدمية خاصة المستشفيات لا يجب أن يقف عند حدود التبرع النقدى فهناك طرق عديدة يمكن للإنسان أن يساهم فيها متبرعا بماله أو جهده أو وقته. أحب دائما أن أذكر أن مصر قد شهدت أمثلة رائعة فريدة لتضامن المجتمع المدنى مع مؤسسات الدولة الخدمية.
شهدت مصر أوقافا خيرية أوقفها أصحاب العقول والقلوب الشجاعة الكريمة على الإنفاق على من يؤنس المرضى ويذهب بانتظام لزيارتهم والاطمئنان على أحوالهم والتسرية عنهم فهل وعينا أى ضمير إنسانى دفع تلك الفكرة العبقرية إلى أذهانهم.
لا تخلو حاليا مستشفى من مستشفيات أوروبا وأمريكا وكندا من جهاز كامل من المتطوعين له بالفعل هيكل إدارى ينتمى لإدارة المستشفى ويمثل المستشفى فيه أشخاص اعتباريون يجتمعون بصفة مستمرة للنظر فيما يحتاجه المستشفى من مستلزمات إما ناقصة أو متكررة بصورة مستمرة ويحتاج المستشفى وجود رصيد منها.
يضع هذا الجهاز خططا مستقبلية لأقسام المستشفى وفقا لحاجة كل قسم ويحتفظ بقوائم لكل الاحتياجات التى يمكن للمواطنين سداد ثمنها أو شراؤها لصالح المستشفى. تلك القوائم تستخدم فى صورة خطابات يرسلها المستشفى لكل المترددين عليه فى المناسبات لتذكرهم بأن المستشفى قد قدم خدماته لهم على أعلى مستوى وأنه بحاجة للاستمرار فى تقديم تلك الخدمات للجميع على حد سواء.
ينظم أيضا هذا الجهاز عمل المتطوعين بالوقت إما لمساعدة المرضى فى تنقلاتهم بين الأقسام المختلفة أو مساعدة التمريض فى مراقبة طعام المرضى أو تناولهم الأدوية. يتبرع الإنسان بما يجيده فمنهم من يقرأ للمرضى أو يساهم فى تعليمهم الرسم أو المشروعات الفنية الأخرى.
الفكرة فى غاية الإنسانية ونجاحها مذهل فى ربط المؤسسة الخدمية بالمجتمع حولها ولا علاقة لها بجمع التبرعات النقدية أو التدخل فى شئون المستشفى بل الأمر كله من إنسان لإنسان.
الأفكار كثيرة فى مجال الخير ودعم الإنسان الذى يحتاج إلى من يقف إلى جانبه يسانده، وسط أنواء هذا الزمن الصعب يجب أن نلجأ لكل الأفكار التى تشعر الإنسان أنه ليس وحيدا بل هو ينتمى إلى وطن يسانده فى محنة المرض، وأن هذا الوطن هو الدولة وهو أيضا الإنسان.