الاستقلال لم يحرّرهم من الكراهية
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الأربعاء 7 مايو 2014 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
يارون لندن
يدلّ مؤشر الشعور بالعزّة القومية الذى ينشره معهد الأبحاث التابع لجامعة شيكاغو سنويا، على أن إسرائيل تحتل إحدى المرتبات العشر الأولى من حيث الشعور بالعزّة القومية لدى مواطنيها.
ووفقا لمعطيات هذا المؤشر، فإن ما يحدّد مدى الشعور بالعزّة القومية للمواطنين فى شتى الدول ليس الأوضاع الموضوعية لكل دولة، ولكن عوامل أخرى ولا سيما قوة الصراع الدائر فيها أو الذى تخوضه مع غيرها. وينسحب هذا الأمر على الإسرائيليين حيث يبلغ شعورهم بالعزة القومية ذروته حين يحظى فريق مكابى تل أبيب لكرة السلة بنجاحات كبيرة فى دورة كأس أوروبا. ولا يعير الإسرائيليون أى أهمية إلى حقيقة كون اللاعبين المركزيين فى هذا الفريق غير إسرائيليين لأن مكابى رمز، والرموز وسائل يمكن أن تُسقط عليها كل ما تشتهيه النفس ولا يمكن التعبير عنه.
إن العلم والنشيد الوطنى والاستعراض العسكرى والشعار والصورة المؤسسة للوعى والشخصية التى تجسد فى ظاهر الأمر «الخصال الوطنية»، أشبه بعكاز تتكئ عليه الهوية القومية.
معروف أن الصهيونية تأسست كحركة معارضة للاسلامية، وأن الحركة القومية الفلسطينية نشأت كحركة معارضة للصهيونية، والإسرائيلية تشكل معارضة للمعارضة العربية. وفى حال طمس الفوارق بين اليهودى والعربي نتيجة خفض حدّة العداء بين اليهود والعرب، فمن المشكوك فيه أن ينجح يهود إسرائيل فى تعزيز هويتهم، والفلسطينيون فى تنمية تميزهم. وتتمثل نتيجة ذلك بأن الجانبين مدمنان على الصراع، لأن هوية كل منهما ستتلاشى من دون عداء الآخر.
كان من حظ اليهود أنه لم يفرّ كل العرب من إسرائيل، وكذلك أنهم لم يطردوا أثناء حرب الاستقلال (حرب 1948). صحيح أن العرب فى إسرائيل يضايقوننا لمجرد وجودهم، لكن الألم هو الذى يجعل الجسم يشعر بوجوده. ونحن بحاجة إليهم كى نفحص جوهر الإسرائيلية ودلالة المواطنة فى دولة تعرّف نفسها على أنها «يهودية وديمقراطية». بعبارة أخرى، يمكن القول إن الأقلية تصوغ الأكثرية بواسطة نظرة الأكثرية إلى الأقلية.
وكلما ضعفت ثقة الإسرائيليين اليهود بهويتهم انقسموا إلى أحزاب معادية لبعضها البعض بموجب أصولها الإثنية وعقيدتها الدينية ووضعها الاقتصادى. ولذا، نصادف فى إسرائيل حملات مستمرة لتمجيد رموز الهوية اليهودية. ويُكثر أصحاب هذه الحملات من ابتداع الحيل التى يستطيعون من خلالها التفريق بين «نحن» و«هم» وتصنيف العرب، كما أنهم يكثرون من عمليات «جباية الثمن»، ويخترعون قوانين هدفها الوحيد إقامة الجدران بين المجموعتين ويتنصلون من مبدأ المواطنة/ الجنسية الذى من المفترض أن يجمع سكان منطقة جغرافية واحدة تحت تعريف واحد هو الإسرائيليون. فإذا ما أصبح العرب فى إسرائيل إسرائيليين، مثلما أن يهود إسرائيل إسرائيليون،
فما الذى سيُعرّف اليهود؟.
فى هذا الإطار أيضا يجب أن نفهم مبادرة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الجديدة الرامية إلى سن قانون ينص على أن إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودى.
شخصيا أشك فى ما إذا كان نتنياهو يعتقد أن ثمة غاية محدّدة لهذا القانون، لأن الكلمات لا يمكنها أن تغيّر الواقع الذى تصوغ فيه الأكثرية اليهودية صورة المجتمع الإسرائيلى. لكن يبدو أنه بحاجة إلى هذا القانون من أجل إرضاء اليهود الذين يؤيدون أحزاب اليمين ولا ثقة لديهم بهويتهم، وهم بحاجة إلى تعزيزها من خلال تأجيج الكراهية تجاه الآخرين. بناء على ذلك، يمكن القول إن الاستقلال لم يحرّر اليهود من الحاجة إلى أن يكونوا مكروهين كى يكونوا يهودا.
كاتب ومحلل سياسى ــــــ «يديعوت أحرونوت» نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية