رمضان.. شهر الإعلان
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 7 مايو 2021 - 10:20 م
بتوقيت القاهرة
رمضان.. اسم لشهر من شهور السنة الهجرية لا يحتاج إلى وصف يسبقه ولا توصيف يتبعه، إنما هو الاسم الذى يقر فى الوجدان ممثلا مساحة من المشاعر النقية التى يسعد الإنسان بها حينما يختلى بنفسه فيها يناجى ربه وينصت إليه ويهتدى بما يوحى إليه فيعود إلى دنيا الناس بما وقر فى قلبه وسكن عقله. له بعدها الخيار فى اختيار الدرب الذى يسلكه مسلِّما بما احتفظ به من هدى تلك اللحظات التى قد تتجلى له فى هذا الشهر الكريم. يتكرر الشهر المبارك على مر السنين فلا تتغير العادات والتقاليد وإن تلونت وصبغتها المجتمعات بألوانها تظل مظاهر الفرح والزينة والاحتفال بالطعام والشراب والرغبة فى بذل الزكاة، لكن ملاحظتى ــ وأظن معى كثيرون ــ أن ما ينسحب من معالم الشهر الكريم ويتناقص بدأب هو تلك الروح الخفية التى كانت تسرى فى شرايين الأمة بأسرها عند سماع آذان المغرب من إذاعة القاهرة بصوت الشيخ محمد رفعت ينصت إليه فى خشوع وسعادة خالصة مسلموها وأقباطها فى آن.
توقعت فى بدايات الشهر أن يعيد رمضان إلى قلوب الناس الرغبة الخالصة فى اللجوء إلى الله سبحانه عله يعفو عنا، ويمد يد العون للعالم ولنا للخروج من أسر زمن الكرب. خاب ظنى وانسلت تلك الروح الطيبة التى انتظرتها بلهفة وشغف وتمنيتها بإخلاص ولم يبق إلا رمضان.. شهر الإعلان.
طغى الإعلان على الإعلام فى شهر الصوم والصلاة والتهجد والتراويح بجرأة واقتحام لا مثيل لها من قبل. استخدم الإعلان قواته الضاربة فى مجالات الاتصالات وتجارة الهواء ودهانه دوكو ومجال بيع أرض الله الواسعة بعد تجهيزها فى أشكال مختلفة من الحيوات العقارية الفارهة فى المدن وعلى شاطئ البحر فجاءت مستفزة لأى نفس سوية تعلم حقيقة واقعنا الاقتصادى وتدرك إلى أى حد تقف بالأغلبية فينا صعوبات محاولة العيش بكرامة.
بقى المجال الذى يحق لى الحديث فيه بقوة تماثل ما أشعر من غضب: مجال حق الإنسان المصرى فى أن يمرض ويتعافى أو يموت فى كرامة. منذ سنوات وإعلانات المراكز الطبية ومشروعات بناء صروح طبية يعلن أنها تعالج بالمجان محدودى الدخل تفرض وجودها ببذخ على كل وسائل الإعلام فى رمضان خاصة.
على سبيل المثال صور متتالية لمشروعات بناء متوقفة فى انتظار تبرعات المصريين «ولو بجنيه» بينما البلد يشهد حركة بناء غير مسبوقة منذ أيام محمد على بالفعل، تستدعى الاحساس بالفخر والدهشة فى آن واحد من قدرات الإنسان المصرى إذا ما أراد.
قلبا وقالبا أتابع جهود المجتمع المدنى لمساندة الدولة فى مجال الصحة ولكن ما يحدث يجعلنى أتصور أنهما قد تبادلا الأدوار.
على المجتمع المدنى أن يساند الدولة فى أداء دورها لرعاية الإنسان صحيا، وليس له أن يحل محلها فى دور أساسى فيقرر استخدام رأس مال مواز من زكاة الناس وتبرعاتهم فى تأسيس صروح طبية بينما الدولة تعانى من توفير الرعاية الصحية الأولية ووسائل الرقابة الأساسية للناس.
لكلٍ دورة فى دعم حياة الإنسان المصرى فليقدم عليه عن فهم ومسئولية أرجو أن تكون فكرتى قد وصلت من طريق السلامة إلى قلب الجميع وعقل الأمة.
اللهم يارب العالمين ونحن نودع أيام شهرك الكريم تقبل منا أعمالنا ونوايانا بكرم عفوك.. واهدنا إلى ما ترضاه وبه تستقيم أحوالنا.