على طريقة إدارة الأزمات

ديفيد إجناشيوس
ديفيد إجناشيوس

آخر تحديث: الإثنين 7 يونيو 2010 - 10:00 ص بتوقيت القاهرة

 
ألمحت إدارة أوباما المحاصرة بين حليفين خلال أزمة هذا الأسبوع إلى إسرائيل وتركيا بأنه ينبغى التخفيف من حصار غزة للسماح بوصول المزيد من المعونات الإنسانية إلى السكان الفلسطينيين.

ومنذ إعلان الأنباء الأولى فى وقت مبكر من صباح الإثنين عن هجوم القوات الإسرائيلية على سفن أسطول المساعدات التركى، ظل البيت الأبيض يعمل على تحقيق التوازن بين مصالح صديقين مهمين. وقال مسئول كبير إن الهدف الفورى كان «نزع فتيل الموقف» من خلال تحرير ركاب السفن، وتمرير قرار من الأمم المتحدة يدعو «بصورة غير واضحة» إلى إجراء تحقيق بشأن الهجمة.

وإلى جانب إدارة الأزمة، بدأ مسئولو الإدارة الأمريكية حث إسرائيل على استخدام هذا الحادث لحل مشكلة غزة. ويأمل مسئولون أمريكيون أن تقوم إسرائيل بتحرك من جانبها، قبل زيادة تصاعد الإدانة الدولية، أو تضع قافلة إغاثة أخرى الحصار على المحك. ويقول المسئول الأمريكى «إن الفجوة الإنسانية ليست واسعة. وعلينا أن نقنع الإسرائيليين أنه لا يمكن أن يتحول كل شىء إلى سلاح».

ويدرك فريق أوباما أن إسرائيل سوف تعمل وفقا لمصالحها، لكنهم يريدون من القدس أن تراعى المصالح الأمريكية أيضا. ونقلت الإدارة إلى مستوى رفيع خشيتها من أن الإسرائيليين أحيانا «يهتمون بأسهمهم، دون أسهمنا».

وربما تكون هذه الرسالة التحذيرية بأن على إسرائيل أن تتصرف بدرجة أكبر كشريك موثوق به ومسئول أهم رسالة تم نقلها هذا الأسبوع.

وهناك قضية تعتقد الإدارة أن على إسرائيل أن تستخدم فيها رؤية أبعد نظرا؛ فقد زعمت إسرائيل أن هذه مسألة داخلية محضة بالنسبة للجيش الإسرائيلى، الذى كانت عملياته لفرض حصار غزة قانونية ومناسبة.

ولكن الإسرائيليين سوف يضاعفون عزلتهم بتحدى الدعوات لإجراء تحقيق دولى. ويوضح المسئول الأمريكى: «لديهم مشكلة صورة، مشكلة فهم».

ويأمل البيت الأبيض أن يتبنى الإسرائيليون آلية لإجراء تحقيق دولى ربما اقتراح فرنسى بإجراء تحقيق دولى بواسطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتعتقد الإدارة أن مثل هذا التحرك سيكون فى مصلحة إسرائيل.

وكانت أصعب المشكلات فى الساعات الأولى من الأزمة هى التعامل مع تركيا، التى اعتبر قادتها هجمة الكوماندوز هجمة قراصنة على مواطنين أتراك. والتقت هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية والجنرال جيم جونز مستشار الأمن القومى بوزير الخارجية التركى أحمد داود أوغلو. ثم جرت مكالمة تليفونية مطولة بين الرئيس أوباما ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.

ووفقا لما ذكره مسئول أمريكى، فقد قال أوباما لأردوغان «نحن بحاجة لإيجاد حل» لمشكلة غزة الإنسانية. ويقال إن أردوغان اتفق مع الرئيس على أن وجود علاقة طيبة بين إسرائيل وتركيا أمر مهم للاستقرار الإقليمى وأن تركيا ليست راغبة فى حدوث مزيد من التدهور.

وتستحق إدارة أوباما الثناء على عملها للإصلاح خلال الأيام الأولى بعد هجوم غزة. ولكن هذا مثالا آخر على أن الإدارة تتفاعل مع الأحداث بدلا من أن تشكلها. فقد كانت المواجهة فى غزة تتطور لعدة أسابيع؛ وتردد أن مسئولين فى الإدارة حذروا إسرائيل من القيام بتحركات استفزازية، ولكنه تحذير لم يكن بالقدر الذى يصنع فارقا. وشعر المسئولون الأمريكيون بالصدمة جزئيا من عملية الكوماندوز لأنهم لا يتجسسون على حليف رئيسى.

وبالمثل، كان البيت الأبيض متفاعلا للغاية فى علاقته بتركيا. وهناك مثال صارخ على هذا السلوك الدبلوماسى، وهو جهود الوساطة التركية مع إيران لإحياء خطة أعدت فى أكتوبر لتخصيب اليورانيوم فى الخارج. فقد اعتقد داود أوغلو أنه حظى برضا أوباما بسبب دبلوماسيته المكوكية، وكان البيت الأبيض يتلقى أنباء التطورات أولا بأول.

ولكن عندما أعلنت تركيا والبرازيل أنهما توصلتا لصفقة، لم تبد الولايات المتحدة اهتماما دبلوماسيا، ومضت قدما فى خطط عقوبات الأمم المتحدة.
ويعتبر اللعب على عدة حبال فى آن واحد من المساوئ الخفية للدبلوماسية تجاه الشرق الأوسط. ففى ذروة دبلوماسية هنرى كيسنجر المكوكية، كان الأمريكيون سادة اللعب على الحبلين.

يتحدث أوباما عن التعامل مع إيران والوساطة ولكن دون القيام بجهد كبير لإظهار ذلك. وبدلا من ذلك، ظلت الإدارة تستجيب للأحداث بدلا من أن تقودها. ولن يفلح ذلك. وكما يقول السفير السابق شاس فريمان فى كتابه الجامع للأقوال «قاموس الدبلوماسية»: «إذا لم تكن جالسا إلى الطاولة فستكون على قائمة الطعام».




هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved