القضاء والحكومة والثوار
معتز بالله عبد الفتاح
آخر تحديث:
الخميس 7 يوليه 2011 - 8:47 ص
بتوقيت القاهرة
هل تستطيع الحكومة أو المجلس العسكرى أن تتدخل فى أحكام القضاء؟
لو كانت الإجابة نعم. إذن ما الفرق بين هذا النظام والنظام السابق والنظام اللاحق. الكل يتدخل فى عمل القضاء لتحقيق هدف ما. قد يكون الهدف الجديد أنبل من القديم لكن فى الحالتين لا احترام لحيدة ونزاهة القضاء.
المؤسسات القضائية عليها الآن أن تكشف عن عورات النظام السياسى السابق مع الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الاستقلال عن السلطتين التشريعية والتنفيذية (المجلس العسكرى وحكومة شرف) وعن ضغوط الرأى العام الذى يريد أن يرى من سرقوهم وقتلوا أبناءهم يعدمون فى ساحات وميادين مصر بسرعة. سمعت بنفسى كلاما مكررا من قضاة مصر من تيار الاستقلال الذين كانوا يعارضون مبارك ويرون أنه لا مبرر للتعجيل السياسى بالمحاكمات وأنهم يرفضون تماما أى ضغوط من المجلس العسكرى والحكومة، وهما بدورهما أعلنا أنهما لن يتدخلا أبدا فى شئون القضاة مع احترامهم لرغبة قطاع واسع من الشعب الثائر الذى يريد القصاص السريع. وأتذكر نقاشا راقيا بين الأستاذين حمدين صباحى وهشام البسطويسى بشأن اقتراح الأول بأن يتم تخصيص 10 دوائر من المحاكم لمحاكمة كل من لهم قضايا مرتبطة بالفساد سواء السياسى أو الجنائى المرتبط بالثورة. وهنا رد المستشار البسطويسى «بأن كل مصرى يحاكم أمام قاضيه الطبيعى وفقا للقوانين الموجودة. هل نريد وضعهم فى السجن؟ هم بالفعل فى السجن. لا ينبغى أن نفقد أول مكتسبات هذه الثورة باستقلال القضاء. بل نحن مطالبون بأن ندعم استقلال القضاء أكثر بألا نتدخل فى شئونه على الإطلاق. هذا أفضل على المدى الطويل». أنا قطعا أقتبس من الذاكرة. وبالمناسبة الرجلان معارضان بارزان لنظام مبارك وليس لأى منهما أجندة خفية ضد الثورة.
إذا رحلت الحكومة، ما هى بدائلنا؟
يرى بعض الثائرين أن هذه الحكومة رئيسها ثورى المنشأ لكنه غير ثورى الأداء، بما يخلق فجوة تقع فيها الحكومة وبالتالى عليها أن ترحل من وجهة نظر الجميع بمن فيهم رئيس الوزراء الذى وجد نفسه فى موضع انتقاد رغما عن أنه على يقين أنه من البداية يؤدى خدمة وطنية بين مطالب الثائرين ومجلس عسكرى محافظ. الكل موافق على رحيل هذه الحكومة، ولكن متى؟ هذا سؤال نواجهه جميعا: ما هى نتائج استقالة الحكومة الآن؟ هل سيعنى هذا حكومة جديدة لتحكم مصر فقط لبضعة أشهر؟ من الذى يرغب فى العمل فى حكومة بهذا المدى الزمنى؟ أم نريد حكومة من العسكر كاملة؟ وهل هذا سيعنى تأجيل الانتخابات وبالتالى مد الفترة الانتقالية؟
هل شباب الثورة مخطئون؟
أنا شديد التعاطف مع مطالب شباب الثورة وأدافع عن نبل مقاصدهم لأقصى درجة، وإن كنت أختلف مع بعض الإجراءات المستخدمة. إن شبابنا الثائر يشعرون بأنهم أحسنوا الهدم ولم يصبحوا شركاء فى البناء لأن مطالبهم اللاحقة على سقوط مبارك إما معلقة على حكومة غير ثائرة أو فى انتظار انتخابات، غالبا، لن يفوزوا بأغلب مقاعدها. وبالحسابات السياسية هم أكثر من غامر بدفع الثمن وأقل من حصل على أى عائد حتى الآن.
أوافق على التظاهر يوم الجمعة كمنتدى وطنى للتعبير عن المطالب وتذكير الجميع بأن الثورة لم تمت، ولكن أرجو أن نتحسس النتائج غير المقصودة والآثار الجانبية لما نطالب به.