استراتيجيات لمواجهة هذا الواقع المرير

علي محمد فخرو
علي محمد فخرو

آخر تحديث: الأربعاء 7 أغسطس 2024 - 8:05 م بتوقيت القاهرة

هذا التّتالى المتعاظم الخطر للأحداث المفاجئة فى الأرض العربية يستدعى أكثر من التفرّج الحذر وتركه فى يد الأغراب. ففى كل يوم مفاجأة، وفى كل يوم مغامرة خطرة خارج إرادة هذه الأمة، ورغمًا عن حقوقها وأمانيها وسلام مجتمعاتها. وقد أصبحت هذه الصورة كارثية، بحيث تستدعى طرح السؤال التالى على أنفسنا، سلطات وشعوبًا، هل يرى الإنسان محاولات، مجرّد محاولات، من قبل مختلف الجهات المعنيّة لفهم ما يجرى ولمواجهته بصورة تعاونية تضامنية، إن على المستوى العربى أو على المستوى الإسلامى؟ هل طلب أحد من وزراء الخارجية، بالتعاون مع جهات الفكر والتجارب السياسية، أن يدرسوا أوضاعنا السياسية الجديدة ويضعوا لذلك استراتيجية تعاونية تضامنية للمدى القريب والبعيد؟ هل طلب أحد من وزراء الإعلام ليفعلوا المهمة نفسها بالنسبة لأهوال الثقافة والإعلام؟ وكذا الأمر بالنسبة لوزراء الاقتصاد والأمن؟
نحن هنا نشير إلى استراتيجيات فكر وفهم، واستراتيجيات مواجهة وفعل. وهو نشاط بدأت تقوم به مختلف التجمعات فى العالم بالنسبة لقضاياها، بل وبالنسبة لقضايا العالم التى تهمها وتؤثر على مستقبلها.
نحن نذكّر هنا بأن أمة العرب وأمة الإسلام ودول عدم الانحياز فعلوا الأمر نفسه فى الخمسينيات من القرن الماضى عندما بدأوا بطرح فكر جديد وأفعال نضالية جديدة خارج هيمنة المركزية الاستعمارية الغربية آنذاك. ولقد قاد ذلك قادة ملتزمون عظام. فلماذا لا نرى أية محاولة، مجرد محاولة، للتعلم مما جرى وأخذ العبر مما جرى والاستفادة مما تولد من إمكانيات مهدورة فى ساحتى أمة العرب وإخوة الإسلام؟
ليست هذه بأسئلة نظرية للإحراج. إنها قد أصبحت وجودية تطرحها بقوة نيابة عن الشعوب عيون أطفال غزة الباكية الهلعة، وأصوات استغاثة أمهاتهم وأهليهم، ويطرحها شباب وشابات هذه الأمة الذين يشعرون بالتّيه ولا يصدقون أن المذلة هى قدر يحكم حاضر شعوب العرب والإسلام، وقد يحكم مستقبلهم إن ظل هذا السكوت الذليل، وظل هذا التمزق والتباعد المحيّر، وظلت الإرادات مكبّلة بهذه الصورة المأساوية.
يخطئ من يعتقد أن ملايين العرب والمسلمين ليسوا على استعداد لبذل الجهد وتقديم التضحيات ومواجهة الشهادة إذا وجد المشروع وتوفّرت القيادة النضالية الشجاعة المحاربة. يشهد على ذلك تاريخ موت الملايين منهم فى سبيل عقائدهم واستقلال أوطانهم ومعاونة إخوتهم فى العروبة وفى كل مشترك.
ستكون كارثة لو أن بديهية تجديد وتنشيط المبادئ التى قامت عليها الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى من خلال وضع مختلف الاستراتيجيات لمواجهة مختلف الأهوال لم تفعّل من أجل استعادة الكرامة وسحب قدرنا من أن يكون فى يد الغرب الاستعمارى الصهيونى الذى يفاجئنا كل يوم بألف حيلة وحيلة، وبألف مؤامرة ومؤامرة.
كلمة أخيرة للمسئولين: لا تخذلوا شابات وشباب هذه الأمة وتضطرونهم إلى الذهاب إلى المنافى ليذرفوا دموع الأسى والعجز.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved