الكرة المصرية قديمة وأفكارها ولغتها وتحليلاتها وأخبارها عتيقة
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الأحد 7 سبتمبر 2014 - 9:40 ص
بتوقيت القاهرة
•كيف تفوق منتخب السنغال فى الشوط الأول .. ثم تركنا نلهو بالكرة فى الثانى؟!
•• دعكم من الشوط الثانى لمباراة السنغال، والذى امتلك فيه المنتخب الكرة لكنه لم يفعل بها شيئا حقيقيا سوى فرصة أو فرصتين. دعكم من هذا الشوط، لأن المنتخب خسر فى الشوط الأول، وبنفس الأساليب والطرق والاختراقات التى يخسر بها غالبا.. والذين يتحدثون عن ضعف الدفاع وثغراته فى تحليلاتهم يخطئون لأن الضعف الأول والكارثى كان فى خط الوسط. فكيف يلعب منتخب مصر بدون وسط لايدافع ولايهاجم.. وسط لايتأخر ولايتقدم، ولايفسد هجمات الخصم ولايبنى هجمات فريقه. كيف يلعب المنتخب بوسط يمرر إلى الخصم ولايمرر إلى لاعبينا ، وبدون وسط يصون ولايبدد، يحمى ولايسدد.. قلنا ألف مرة إن ضعف دفاعات الكرة المصرية يبدأ من ضعف الوسط..
•• الحقيقة أن الأداء كان شكليا، والضغط كان شكليا. وهذا بعكس منتخب السنغال. الذى ضغط على لاعبينا فى كل خط. وضيق المساحات، وحرمنا من الاقتراب من منطقة الجزاء ومن التصويب أيضا فى الشوط الأول، ثم تراجع إلى منطقته وتركنا نلهو بالكرة فى الشوط الثانى، ففى الدقيقة 53 تبادل لاعبو المنتخب الكرة 15 مرة، وانتهت بتمريرة إيجابية لمحمد صلاح. لكن فى الشوط الأول لم يمرر الفريق الكرة أربع أو خمس تمريرات..
•• والحقيقة أننا نلعب كرة قديمة بأفكار قديمة، وبلغة إعلامية قديمة. فعندما يكون أداء المنتخب لصلاة الجمعة خبرا وعندما تكون رحلة الطيران شاقة خبرا، وعندما يستقبل السفير البعثة خبرا، وعندما يطالب شوقى غريب لاعبيه بالفوز خبرا، فنحن إزاء هذا كله نلعب كرة قديمة ونفكر فى الكرة القديمة، فكلها أخبار تناولناها نحن أيضا من 30 سنة ولم تعد تلك كلها أخبارا..
•• وعندما يقول المحللون إن المنتخب عليه أن يلعب بتوازن بين الهجوم والدفاع ويكون ذلك تحليلا.. فهذا لايمثل أى إضافة، فكل من كان يجلس على المقهى يدرك ذلك. وعندما يقول المحللون إن المنتخب يفتقد الانسجام، ويفتقد حساسية المباريات، ويفتقد بناء العمق الدفاعى، ويفتقد السرعات، ويفتقد التحرك بدون الكرة، فماذا بقى لهذا المنتخب كى يفوز أو يكون ندا لمنافسه. ثم ماتفسيركم لأداء منتخب السنغال الذى يضم 23 محترفا وربما فى 8 دول وجميعهم قابلوا بعضا فى مطار داكار فلماذا يلعبون هم بانسجام ونحن فقط نفتقد دائما هذا الانسجام.. ؟
•• خسر المنتخب لأنه يعانى من آفات الكرة المصرية.. لاتجارب إعداد جادة وقوية بغض النظر عن موعد المباريات الرسمية، وراجعوا المباريات التى خاضتها منتخبات العالم وأوروبا للتعلم والاحتكاك والتدريب. خسر المنتخب لأنه لايضغط، ولايمرر، ولايساند اللاعب زميله، ولا يتحرك بدون الكرة، ولايلعب الكرة إلى الأمام، ولاتوجد قياسات لمسافات جرى كل لاعب ولا قياسات لعدد الإسبرنتات التى يقطعها كل لاعب.. ولاإدراك للفارق بين لاعب يتألق مع سموحة أمام الشرطة، وبين نفس اللاعب وهو يواجه السنغال أو ألمانيا. ولا إدراك للفارق بين لاعب سريع فى الشرطة، ويسجل، وبين نفس اللاعب حين يحاصر من دفاع السنغال أو إيطاليا.. وقد تحسن الأداء الهجومى للمنتخب مع اشتراك عمرو جمال. لماذا ؟ لأن هذا اللاعب مصارع فى منطقة الجزاء. يرى الكرة فى المساحات الضيقة. يتصرف سريعا. وهو ليس مهاجما من النوع العداء الذى ينتظر تمريرة طويلة يسبق بها الدفاع المنافس البطىء.. فمتى يلعب عمرو جمال ومتى يلعب خالد قمر ؟ ومتى يلعب حسام غالى ومتى يلعب حسنى عبدربه.. ومتى يكون لدينا البديل لعبدالشافى..؟!
•• القضية إذن ليست تلك الرؤية المسطحة بنفس اللغة القديمة، وبهذا الحديث عن أخطاء الدفاع، وضعف الهجوم، وغياب الوسط.. والقضية ليست خوض مباريات ودية أمام تشيلى والبوسنة وجامايكا وكينيا. القضية هى الكرة الجديدة. ومنها مثلا قدرة لاعب الوسط على قطع التمريرة قبل أن تصل إلى الخصم، وهذا أرقى من استخلاص الكرة من الخصم بعد أن يتسلم الكرة. وهذا يكون معيارا عند المدربين فى أوروبا للمفاضلة بين لاعب وسط مدافع مثلا وبين لاعب وسط متفرج كرته دائما بالعرض أو للخلف.. القضية هى كيفية مواجهة المنتخبات السريعة التى تجيد الضغط. وكيف نواجه هذا الضغط. وهو مالم نواجهه بدون تحرك مستمر وتمرير مستمر. لعله إسلوب تيكى تاكا المصرى الذى لعبنا به فى غانا عام 2008..
•• ومرة أخرى إذا لم يتعلم اللاعب المصرى أن الجرى المستمر بدون الكرة بحثا عن المساحة، وبحثا عن الاختراق. وأن الجرى بدون الكرة هو أحسن مساندة للزميل، وان تلك هى الكرة الجديدة التى يجب أن نلعبها، وإذا لم يتعلم اللاعب المصرى ذلك، ويفعله، ستظل كرتنا بليدة، عقيمة، بلاروح، وبلاحياة، وشديدة الملل ؟!
•• على الرغم من هذا كله هناك أمل. بشرط أن نلحق ونلعب كرة جديدة أمام تونس، بدلا من كرتنا القديمة المحكومة بأفكار ولغة قديمة وأحاديث قديمة وأخبار عتيقة.. فالمؤسف حقا أن منظومة الكرة المصرية كلها محاطة بخيوط العنكبوت..