عودة (البرادعى فوبيا)

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الإثنين 7 نوفمبر 2011 - 11:30 ص بتوقيت القاهرة

مطلوب من محمد البرادعى أن يصمت ويكتفى بمتعة المشاهدة، وإذا تكلم فليكن «كوول» فيما يخص أى شىء يصدر عن المجلس العسكرى، وإلا «فالحملجية» جاهزون للتصرف، بأخبار مكذوبة عن توقف حملته، أو باستطلاعات رأى علمية جدا لدرجة تميتك من الضحك تظهره فى أسفل جدول التوقعات، وتبرز ما يسمى «تنامى المشاعر السلبية تجاهه».

 

ولعلك تلاحظ أن «البرادعى فوبيا» تستفحل كلما أقدم الرجل على الإدلاء بتصريحات كاشفة لمنهج العك الذى يهيمن على إدارة المرحلة الانتقالية، وفور أن بادر قبل الجميع بالتعليق على مهزلة البند رقم 9 فى وثيقة السلمى العسكرية، خرج بسرعة البرق استطلاع رأى جديد أشرف عليه واحد من أعضاء لجنة السياسات ليقول إن البرادعى صاحب النصيب الأوفر من السخط الجماهيرى والمشاعر السلبية، بالتزامن مع تصريحات لذلك المصدر «شديد القرب» من المجلس العسكرى الذى أفتى بأنه لو لم يتم العثور على أستاذ جامعة أو اقتصادى بارز يصطفيه المجلس للرئاسة، فإن أربعة أسماء فقط ــ ليس من بينها البرادعى بالطبع ــ ستكون مطروحة لسباق الرئاسة، ومن بين المطرودين من جنة توقعات «شديد القرب» أيضا سليم العوا وحازم أبوإسماعيل، ولا يخفى أن هؤلاء الثلاثة كانوا الأعلى صوتا والأوضح فى بيان تهافت وثيقة السلمى وهزلية البند رقم 9 فيها والذى يجعل المجلس العسكرى أبا لكل السلطات، وممسكا بكل الخيوط.

 

لقد عدنا إلى أجواء ما قبل 25 يناير، حيث يعاود مؤشر الانزعاج والتململ من تصريحات محمد البرادعى الارتفاع، وسوف يتبع ذلك نصب منصات الهجوم على الرجل من كل اتجاه، بما يذكرك بتلك الحملات المنحطة التى كانت تستهدفه شخصيا وعائليا كلما عجزوا عن مواجهته سياسيا، ولعلك تذكر أنهم كانوا يبدأون بترديد المقولات ذاتها من عينة أنه مقطوع الصلة بالجماهير وأنه ظاهرة إلكترونية، وأن شعبيته لا تتجاوز عالم «فيس بوك» و«تويتر» وأنه غير قادر على التأثير فى الناس، إلى آخر هذه السلسلة من الأباطيل والأوهام التى سقطت عند فجر 25 يناير، وأدرك المختلفون معه قبل مؤيديه أن البرادعى يأتى فى طليعة صانعى الزلزال الذى هز مصر وأسقط أكبر رأس فى نظامها البائد، من خلال وجوده بين قطاعات الشباب التى قادت الثورة فيما بعد وفاجأت العالم كله.

 

ولكل هذا وغيره، وبما أننا نعيش عملية إعادة إنتاج النظام السابق، فإن اسم محمد البرادعى يبقى مثيرا لغريزة الانقضاض والرغبة فى التشويه ومحاولة إزاحته من المشهد، من خلال صناعة الأكاذيب القديمة ذاتها من عينة أن الناس لا تريده ولا تحمل له مشاعر إيجابية.

 

إن مجرد الإعلان عن مبادرة البرادعى لإعادة لم شمل شباب الثورة الذين تشتتوا وتشعبوا فى ائتلافات وكيانات صغيرة متعددة، جعلت الماكينة القديمة تنشط وتستأنف قصفها للرجل بأداء لا يختلف كثيرا عما كان، وانتظروا مزيدا من العنف معه قريبا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved