الحدود الفاصلة بين الحكومة والحزب
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأربعاء 7 نوفمبر 2012 - 8:15 ص
بتوقيت القاهرة
إلى أن يقوم الحزب الفائز بالأغلبية فى الانتخابات البرلمانية بتشكيل الحكومة، فسوف تظل هناك حالة من الشد والجذب بين حزب الأغلبية والحكومة الحالية.
ما كان همسا صار الآن يمكن سماعه، حتى لو كان خافتا، فالبعض داخل حزب الحرية والعدالة بدأ «يلسن» على حكومة الدكتور هشام قنديل ويحاول تحميلها سبب كل المشاكل، بل إن بعض الإخوان يقولون إن معظم قرارات مؤسسة الرئاسة والحكومة يعرفون بها من الإعلام، فى حين أنهم سيدفعون ثمنها فى الانتخابات سلبا أو إيجابا، ويستدلون بقضية الإغلاق المبكر للمحال حيث لم يتم مشاورتهم بشأنها.
الدكتور قنديل ليس من محترفى السياسة «بتوع زمان» بحيث يحاول تلميع ما يفعله، ويرد الصاع صاعين لمن ينتقدونه، وعندما سألته قبل أسبوعين فى الجزائر عن حقيقة الخلافات بينه وبين الحزب، اكتفى بالقول إنه يركز على عمله ولا ينوى الدخول فى معارك جانبية، نافيا فى الوقت نفسه وجود مشاكل.
الطبيعى أن الرئيس محمد مرسى يضع الحدود الفاصلة بين الطرفين حتى لا نجد أنفسنا «موحولين» فى حفرة جديدة، لكن ما نسب لمرسى فى الزقازيق فى إجازة العيد قد يزيد المشكلة تعقيدا.
قال مرسى طبقا لما نشره موقع «المصرى اليوم» الالكترونى عصر السبت ثانى أيام العيد «إنه لا ينوى تغيير الحكومة الآن وسيدفعها للعمل فى الاتجاه الصحيح والتنسيق مع لجان مشروع النهضة فى حزب الحرية والعدالة لتنفيذه».
مبدئيا معظم المصريين لا يصدقون أن هناك مشروعا اسمه النهضة، وحتى لو افترضنا وجوده فكيف سيكون التنسيق بين الحزب والحكومة؟!.
أتمنى أن تكون مؤسسة الرئاسة واعية للحساسية الموجودة بين حزبها وحكومتها. كنت قد سألت أحد قيادات الإخوان المسلمين عن «اللغة الجافة» التى يتحدث بها بعضهم عن حكومة قنديل فقال إن المواطنين والإعلام يلصق بهم كحزب كل المشاكل ويحملهم مسئولية حلها وبالتالى فالطبيعى أن يكون لهم رأى فى أداء الحكومة، فقلت له لكنها حكومة تكنوقراط ولديكم بعض الوزراء يمثلون حزبكم داخلها وبالتالى فهناك أكثر من طريقة لفعل ذلك إما عن طريق وزرائكم أو عن طريق رئيس الجمهورية شخصيا الذى يجرى حوارا تليفونيا لمدة ساعة كل يوم ليلا مع الدكتور هشام قنديل يتشاوران فيها بشأن كل ما يخص عمل الحكومة.
أتمنى أن تكون الكلمات الفضفاضة التى تحدث بها مرسى مصحوبة ببرنامج عمل يحدد طبيعة العلاقة بين الحكومة والحزب حتى لا يلقى كل منهما بالمسئولية على الآخر.
والسؤال الطبيعى: ما هى طبيعة التنسيق بين الطرفين، وهل هناك صلة وصل بينهما؟!. ثم هل هناك مشروعات محددة لدى الحزب يفترض أن الحكومة ستقوم بتنفيذها وماذا سيحدث على سبيل المثال إذا رفضت الحكومة تنفيذ مشروع أو قرار تقدم به الحزب لأنه غير ملائم؟!.
المنطقى أن الحزب الفائز أو صاحب الأغلبية هو الذى يشكل الحكومة، لكن وبما أن الرئيس مرسى تعهد بتشكيل حكومة وحدة طنية، وبما أنه لا يوجد لدينا حزب أغلبية رسمى بعد حل مجلس الشعب، فسنظل مع حكومة قنديل على الأقل حتى إجراء انتخابات نيابية جديدة.
الخلاصة أن مشاكلنا الصعبة لا ينقصها إضافة مشكلة جديدة اسمها الخلاف بين الحزب والحكومة. أعرف أن الطرفين سيسارعان إلى نفى وجود خلافات، ونتمنى أن يكونا صادقين، لكن فى كل الأحوال على إدارة الرئيس مرسى أن تضع حدودا فاصلة بين الجانبين حتى لا نتفاجأ فى المستقبل بانفجار عاصف يضيف مشكلة أخرى إلى مشاكلنا «المتلتلة».