عام على الثورات فى العالم العربى


إلكسندر بلاى

آخر تحديث: الأربعاء 7 ديسمبر 2011 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

فى هذا الشهر يمر عام على التظاهرات فى تونس التى كانت السبب فى موجة الثورات التى حملت اسم «الربيع العربى»، والتى سرعان ما تحولت إلى «خريف إسلامى».

 

انتقلت التظاهرات من تونس إلى مصر واليمن وليبيا وسورية والسعودية والبحرين والمغرب، واختلفت تجربة كل دولة من هذه الدول عن الأخرى، لكنها اضطرت كلها إلى تغيير بنية النظام وعلاقة السلطة المركزية بمواطنيها. ومازالت هذه الثورات فى بداياتها، ومن شأن الانسحاب الأمريكى من العراق، وكيفية حل الأزمة النووية الإيرانية، أن يؤثر أيضا فى موازين القوى وأن يتركا آثارا قد تستمر لأعوام كثيرة.

 

نستطيع اليوم أن نجرى تقويما مرحليا لما يحدث. إن نظرة شاملة إلى الأحداث من شأنها أن تظهر حقيقة مهمة، وهى أن الإسلام الراديكالى يواصل تقدمه الإقليمى والعالمى، إذ إن معظم الأنظمة الجديدة فى الدول العربية التى شهدت ثورات هى أنظمة إسلامية. ففى مصر يتبلور نظام إسلامى ــ راديكالى دينى معارض للنظام السابق ومعاد لحلفاء هذا النظام، مثل الولايات المتحدة وإسرائيل. وربما يفضل الزعماء الإسلاميون الجدد فى مصر، حاليا، استخدام كل الوسائل الديمقراطية والدبلوماسية للحؤول دون تقليص المساعدة الأمريكية، ومن أجل الحصول على الشرعية الدولية، على أمل أن يحاولوا لاحقا إلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل، أو العمل على إضعافه من خلال إحلال الفوضى فى سيناء.

 

لقد أدى فوز الإسلام السياسى فى الدول العربية إلى نشوء وضع استراتيجى جديد تماما فى المنطقة. إن الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط تتركز فى أربعة معابر استراتيجية، هى: المضائق التركية، قناة السويس، مضائق باب المندب، مضائق هرمز. وتقع هذه المعابر جميعها، اليوم، تحت سيطرة الحكومات الإسلامية، الأمر الذى يشكل خطرا استراتيجيا مباشرا. غير أن التهديد بإغلاق مضيق من هذه المضائق البحرية لا يشكل خطرا على إسرائيل وحدها، بل أيضا على روسيا التى تعتبر بقاء المضائق التركية مفتوحة مصلحة عليا بالنسبة إليها لأن جميع موانئها تتوقف عن العمل فى الشتاء بسبب الجليد.

 

وثمة أهمية خاصة لمضائق هرمز بالنسبة إلى سوق الوقود، إذ يمر نحو 40٪ من النفط عبر الناقلات من خلال هذه المضائق. كذلك هناك أهمية كبيرة لقناة السويس ومضيق باب المندب بالنسبة إلى العديد من الدول، ولا سيما إسرائيل والسعودية التى لا منفذ لها على البحر إلا من خلال هذه المضائق. ويشكل هذا الوضع تهديدا لإسرائيل يجب الاستعداد لمواجهته، لكنه، فى المقابل، قد يشكل فرصة بالنسبة إليها من أجل العمل على تحقيق المصلحة المشتركة بينها وبين السعودية والدول المستهلكة للنفط من خلال إنشاء تحالف خاص، علنى أو سرى، فى هذا الشأن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved