غزة.. والحرب على التضليل والأخبار الزائفة
من الفضاء الإلكتروني «مدونات»
آخر تحديث:
الخميس 7 ديسمبر 2023 - 6:25 م
بتوقيت القاهرة
نشرت مدونة صدى التابعة لمركز كارنيجى مقالا للكاتبة سارة الخباط، تناولت فيه أن حرب غزة كشفت عن الوجه الآخر القبيح للتكنولوجيا فى تزييف الحقائق، إذ انتشر على وسائل التواصل الاجتماعى منذ الأيام الأولى لحرب السابع من أكتوبر صورا ومقاطع فيديوهات مفبركة لتضليل أكبر عدد من الناس؛ كما أوضحت تأثير هذه المعلومات المضللة على التغطية الإعلامية مؤدية إلى تضارب الروايات... نعرض من المقال ما يلى.
فى 7 أكتوبر نفذت حركة حماس هجوما كبيرا على مستوطنات إسرائيلية فى غلاف غزة أدى إلى قتل وأسر المئات من المدنيين والعسكريين. ردا على ذلك، قررت إسرائيل إعلان الحرب انتقاما من مقاتلى حماس فى قطاع غزة. وانطلقت بموازاة المعارك الجارية على الأرض «معركة الحقيقة».
منذ الأيام الأولى للحرب تم تداول كم هائل من الصور ومقاطع الفيديو المفبركة بهدف خداع وتضليل أكبر عدد من الناس. الأمر الذى ألقى بالعبء الأكبر على المنصات المعنية بالتحقق من صحة الأخبار ومكافحة هذا النوع من التضليل فى محاولة منها لتعزيز المصداقية فى نقل المعلومة وفضح الأخبار الكاذبة.
بدأت القصة بمزاعم أطلقتها صحفية إسرائيلية تدعى نيكول زيديك تفيد فيها أن مقاتلى حماس قاموا خلال هجوم 7 أكتوبر بقطع رءوس 40 طفلا إسرائيليا. أثار هذا الادعاء موجة من مشاعر التعاطف مع إسرائيل فى الغرب، ولم يتوقف الأمر على تداوله فى وسائل الإعلام، بل خرج الرئيس الأمريكى بايدن ليؤكد أنه شاهد صور الأطفال مقطوعى الرءوس بنفسه. لكن، تلقى ناشطون وصحفيون غربيون هذا الادعاء بالتشكيك، وتصاعدت الأصوات التى تطالب بنشر ما يدل على ذبح الأطفال.
وبدلا من الاستجابة لهذا التحدى من السلطات الإسرائيلية، قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بنشر صورة لجثة واحدة متفحمة قال إنها لطفل إسرائيلى أحرقه مقاتلو حماس، وحظيت الصورة بملايين المشاهدات. لكن ناشطا أمريكيا سارع إلى كشف زيف الصورة، مؤكدا بالأدلة أنها تعود فى الأصل إلى كلب فى عيادة طب بيطرى، حيث خضعت للتعديل عن طريق الذكاء الاصطناعى.
ثم توالت بعد ذلك قصص الكذب والتضليل، فقد تم تداول صورة لتجمع من الخيام مرسوم عليها علم إسرائيل قيل إنها مجهزة لاستقبال نازحين إسرائيليين جراء الحرب. خضعت الصورة للتحقق من قبل العديد من المنصات المهتمة بذلك، وتم التوصل إلى أن الصورة مولدة بالذكاء الاصطناعى، حيث تحتوى الصورة على كثير من التشوهات والعناصر المضافة.
فى الفترة نفسها، جرى تداول عدة مقاطع فيديو مقتبسة من لعبة إلكترونية اسمها Arma 3، وزعم ناشرو تلك المقاطع أنها من الحرب الجارية على غزة. فى 31 أكتوبر 2023، نشرت منصة «تأكد» تقريرا عن نتائج تحققها من مقطع فيديو ادعى صانعوه وناشروه أنها دبابات تابعة للجيش الإسرائيلى لاستهداف المقاومة الفلسطينية. أوضحت المنصة زيف الادعاء، وقدمت الأدلة على أن المقطع مأخوذ من لعبة فيديو Arma 3.
فى 7 نوفمبر الماضى، نشر الإعلام الحربى التابع لحركة الحوثيين «أنصار الله» اليمنية مشاهد لعملية إطلاق دفعة من الطائرات المسيرة قال إنها وجهت نحو أهداف إسرائيلية مختلفة فى تاريخ 6 نوفمبر. تولت منصة «صدق» مهمة التحقق من صحة المشاهد، وانتهت فى تقريرها إلى أن بعض المشاهد قديمة ترجع إلى عمليات نفذتها الجماعة فى الأعوام السابقة ضد أهداف سعودية وإماراتية.
إن تأثير هذه المعلومات المضللة على التغطية الإعلامية كان واضحًا فى الارتباك الناتج عن تضارب الروايات المتعلقة بالأحداث، وهذا أثر سلبًا على فهم الجمهور للحقيقة وعلى إدراك الأحداث فى غزة. وبدا نشر المعلومات الكاذبة واضحا بشكل خاص على موقع X (تويتر سابقا)، ويرجع ذلك على الأرجح إلى ضعف معاييره الأمنية وانسحابه من ميثاق ممارسات الاتحاد الأوروبى بشأن المعلومات المُضَللة فى وقت سابق من هذا العام. فتح الاتحاد الأوروبى، مؤخرا، تحقيقًا بشأن منشورات X بموجب قانون الخدمات الرقمية (DSA) الذى يطالب منصات الإنترنت التصرف بشكل متسق وسريع لإزالة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة.
تسببت بعض أهم منصات التواصل الاجتماعى بعد فرضها رسوم لتوثيق الحسابات، وتخليها عن كثير من الشروط المشددة كما كان عليه الحال سابقا، فى ارتفاع عدد الصفحات الوهمية التى تستفيد من حصولها على علامة التوثيق لادعاء المصداقية والترويج للأخبار والصور المزيفة.
يستغل بعض المؤثرين الناس بسبب حرمانهم من الوصول إلى المعلومات الحقيقية والرسمية بنشر المعلومات المضللة ومشاركتها لأغراض غير أخلاقية. لكن، بوسعنا الحد من مشكلة التضليل الإعلامى عن طريق تثقيف الناس ونشر الوعى بأهمية التحقق من الأخبار قبل تداولها والاعتماد على المصادر الموثوقة. يقول أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة: «تتطلب مكافحة التضليل الإعلامى استثمارا دائما فى بناء القدرة المجتمعية على الصمود وعلى اكتساب الدراية الإعلامية والمعلوماتية».
النص الأصلي