أفريقيا..
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الجمعة 8 يناير 2010 - 9:43 ص
بتوقيت القاهرة
كانت الأندية المصرية إلى أفريقيا من أمتع رحلات وتجارب السفر التى خضتها. مهما قيل عن مشقة رحلات الطيران.. فقد أحببت الطبيعة البكر فى القارة. وأحببت طيبة شعوبها من مملكة سوازيلاند فى أقصى الجنوب إلى السنغال فى أقصى الغرب.. لكن الآن لم تعد أفريقيا تلك القارة البكر التى كنا نعرفها رحبة ومتسعة، تعيش وراء الزمن، وتحكمها الخرافات والأساطير.
ونراها غابة يسكنها الوحوش وطرزان، ويتنازع السيطرة على أراضيها قبائل الدناكل والهاوسا واليوربا والزولو والأشانتى والماساى الذين يشربون اللبن الممزوج بدماء البقر.
كنا نعرف عن أفريقيا أنها قارة قديمة عرفت الإنسان البدائى الأول وكانت موطنا له منذ 250 ألف سنة، وهى ثانى أكبر القارات بعد آسيا، وتغطى 20،3% من مساحة الكرة الأرضية ويسكنها 800 مليون نسمة، لكنها شهدت تغييرات مناخية متتالية وكان أقساها منذ 25 ألف سنة عندما تعرضت أرض كبيرة من القارة إلى التصحر..
ونعرف عن أفريقيا أنها تعانى حتى اليوم فى كثير من مناطقها من الفقر والتخلف، ومن آثار المستعمر الأوروبى التى مازالت قائمة، وقد تحررت شعوبها لكن الكثير منها لم يتحرر بعد من قهر حكامها. ولم يزدهر اقتصادها وينمو كما حدث فى آسيا، لكن هناك لعبة أصبح حجمها فى قلوب الشعوب أكبر من حجم الكرة الأرضية
وكرة القدم أسهمت بشكل كبير فى تغيير وتطوير ثقافة الشعوب الأفريقية، ونقلت الإنسان الأفريقى إلى الحاضر.. وجعلته يطل على العالم ومتغيراته، ويتعرف على ثقافات جديدة ويمتزج بها، وقد أصبحت لعبة ثرية وغنية بنجومها وتخلت عن بدائيتها.
حيث كانت الفرق تخوض مبارياتها وهى مدعمة بجمهور غاضب وثائر يدق طبول الحرب طوال الوقت، وتقام حفلة سحر قبل أى مباراة، يستخدم فيها ساحر الفريق كل أشكال الشعوذة، بالاستعانة بثعبان أسود وذبح دجاجة ونثر دماء خنزير!
وقد تغير هذا كله على مدى 52 عاما. تطورت اللعبة وتغير الجمهور، وأصبحت المباريات والبطولات مهرجانات واحتفاليات، يعيش خلالها الملايين من جماهير القارة وشعوبها حالة من البهجة والفرحة، ويقبلون على متابعة مبارياتها وهم يزينون وجوههم بألوان أوطانهم وفرقهم، ويهتفون ويغنون ويرقصون على أنغام الطبول والدفوف، لم تعد هتافات حرب لجمهور مسلح بالحراب، لكنها باتت أغانى عشق تعبر عن الحب والانتماء للأوطان والمنتخبات..
وسوف تعيشون شهرا كاملا مع أصوات المزامير الأفريقية الصاخبة التى لا تتوقف فى المدرجات.. فلا يهم الفائز والمهزوم وإنما المهم أن يعزف المشجع الأفريقى موسيقاه طوال الوقت لأن وقت الكرة فى القارة هو وقت الموسيقى.. عقبالنا؟!