مسيحيون ومسلمون.. مِن نفى الآخر إلى التناغم الثقافى
هشام جعفر
آخر تحديث:
السبت 8 يناير 2011 - 10:06 ص
بتوقيت القاهرة
من الملاحظات الجديرة بالتأمل فى الواقع المصرى اليوم هو بروز ظاهرة ما أطلق عليه «فائض التدين» وأقصد بها:
التداخل المربك بين الدينى وبين المجالات الأخرى ثقافية وسياسية واقتصادية.. إلخ.
تضخم فى استخدام المفردات والرموز الدينية فى المجال العام، وتمثل ظاهرة الفتاوى الدينية مسيحية ومسلمة المثل الأبرز لهذا التضخم.
استقطابات حادة على أسس دينية، فالهوية الدينية لم تعد أحد دوائر الانتماء العديدة التى تثرى «الهوية المصرية» وترسم مجالها الحيوى، وإنما أصبح الانتماء الدينى نفيا للآخر فى الوطن الواحد.
«فائض التدين» أنتج مجموعة من الظواهر الثقافية الخطيرة:
الحساسية للاختلاف الدينى والثقافى بمعنى عدم الاعتراف بالاختلاف أو القبول به، ناهيك عن احترامه.
التمركز حول الذات الثقافية ـــ الدينية بمعنى الحكم على الآخرين وفق معايير الثقافية التى تحولت إلى معايير ضيقة.
التمييز: التفرقة فى المعاملة.
التحامل: تشكيل لرأى أو موقف شعورى دون سبب أو تفكير مسبق أو معرفة كافية.
النمطية والتعميم الثقافى ـــ الدينى أى النظر إلى المسلمين والمسيحيين باعتبارهم كتلا مصمتة لا تحوى داخلها أى اختلاف أو تنوع.
هذا التحليل الثقافى يجعل قيمة التنوع أحد أهم قيم التنشئة فى المجتمع المصرى، التنوع فى جوهره يعنى التسليم بالاختلاف، التسليم به واقعا لا يسع عاقلا انكاره، والتسليم به حقا للمختلفين لا يسع أحد أو سلطة حرمانهم منه.
يجب أن يعطى للتنوع مشروعيته فى الثقافة المصرية السائدة، ويستلزم الاعتراف بهذه المشروعية التسليم بحق المختلفين فى التعبير عن اختلافهم، فالتنوع فى جوهره يعنى ثلاثة أشياء:
الاعتراف بوجود تنوع فى مجتمع ما.
احترام هذا التنوع وما يترتب عليه من اختلاف.
إيجاد صيغ ملائمة للتعبير عن ذلك بحرية وبشكل يحول دون نشوب صراع يهدد سلامة المجتمع.
ولكن كيف يمكن أن نصل إلى تسهيل عملية التواصل بين الحدود الثقافية ـــ الدينية تمهيدا للوصول إلى حالة التناغم الثقافى التى كانت سائدة فى المجتمع المصرى؟
1- الوعى وهى النقطة التى ندرك عندها أن هناك ما هو إيجابى خارج نماذجنا الثقافية ـــ الدينية.
2- الفهم، وهى النقطة التى ندرك فيها أهمية الأشياء الإيجابية التى فى ثقافة الآخر، وندرك سبب وجودها.
3- القبول: عندما ندرك أنه ينبغى علينا السماح لأصحاب الثقافات الأخرى أن يعيشوا كما يرغبون، وليس كما نرغب نحن.
4- التقدير وهى النقطة التى نبدأ عندها رؤية القيمة الإيجابية فى الأمور التى تقع خارج نماذجنا الثقافية ـــ الدينية الخاصة.
5- التناغم الثقافى: عندما نبدأ فى دمج خبراتنا مع مجموعة متنوعة من الخبرات الثقافية الموجودة فى المجتمع.
وهذا يتطلب:
1- الانتقال بالدينى إلى المدنى، أى خلق مجال مدنى مشترك يتحرك فيه الجميع مساهمين وفق نماذجهم الثقافية ـــ الدينية فى حل مشكلات مجتمع يعانى أزمات عدة متصاعدة.
2- استدماج قيمة التنوع فى مجالات ثلاثة: التعليم ــ الخطاب الدينى ــ التنشئة فى الأسر المصرية.