هواجس العام الجديد - ثانينا عن مسار الاحتجاج الشعبى والحالة الثورية
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الأحد 8 يناير 2012 - 9:05 ص
بتوقيت القاهرة
وضعت ثورة ٢٥ يناير مصر فى معية مسارين لإسقاط نظام الاستبداد والتأسيس لدولة حديثة تحقق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مسار الاحتجاج الشعبى السلمى ومسار بناء مؤسسات الدولة والنظام السياسى الجديد. تواصل الاحتجاج الشعبى منذ ١١ فبراير ٢٠١١ دون انقطاع وطور الحالة الثورية بعد إسقاط الرئيس السابق بالمطالبة بمحاسبته وأعوانه عن قتل المصريين والقمع والفساد ثم المطالبة بتطهير أجهزة الدولة وإصلاحها وبجدول زمنى لنقل السلطة من المجلس العسكرى للمدنيين وبحقوق شهداء ومصابى الثورة ثم ومع وقوع انتهاكات جديدة لحقوق الإنسان والحريات خلال الفترة الماضية بالمطالبة بمحاسبة المسئولين عنها والتوقف عن إحالة المدنيين للقضاء العسكرى وبالرحيل السريع للعسكرى عبر تبكير انتخابات الرئاسة.
نجاح مسار الاحتجاج الشعبى فى تطوير الحالة الثورية أسفر عن بعض المكاسب السياسية، أهمها محاكمة الرئيس السابق وصناعة رأى عام مؤيد للانتصار لحقوق الشهداء والحفاظ على الضغط الشعبى للتعجيل برحيل العسكرى بعد أن تراجع الأخير عمليا عن وعده فى ١١ فبراير ٢٠١١ بنقل السلطة للمدنيين خلال ٦ أشهر، إلا أن مسار الاحتجاج الشعبى السلمى، وعلى الرغم من أن المسئولية الأكبر هنا تقع على عاتق من يدير شئون البلاد أى المجلس العسكرى والحكومة، خسر على وقع تدهور الأوضاع المعيشية للمصريين واستمرار الانفلات الأمنى الحاضنة المجتمعية الواسعة التى ساندته فى أعقاب إسقاط الرئيس السابق مباشرة. كذلك أسهم وقوع اعتداءات على بعض المنشآت وتكرر سلسلة من الاعتصامات المعوقة لسير العمل فى منشآت عامة وخاصة بما يخالف القانون (مجلس الوزراء) فى انتشار نظرة سلبية للاحتجاج الشعبى.
الموضوعية تقتضى الاعتراف بأن قطاعات مؤثرة فى الرأى العام باتت ترفض ما يحدث فى ميادين التحرير وتخشى على حال مصر إن استمر الاحتجاج الشعبى واستمرت الحالة الثورية وترى فى دور العسكرى الضمانة الأخيرة للاستقرار. ولا شك فى أن التشويه المتعمد للثورة والثوار والنشطاء المتبنين لمطالبهم من قبل وسائل الإعلام الرسمية وبعض الإعلام الخاص لعب دورا خطيرا فى هذا الصدد وصنع وعيا زائفا بشأن أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء جعل من عنف الجيش والأمن المفرط ضد مواطنين محتجين مواجهة «البلطجية والعناصر الإجرامية» ومن انتهاكات حقوق الإنسان «دفاع مشروع» عن النفس ومن المطالبة بالمحاسبة القضائية العلنية والعادلة للمسئولين عن قتل المصريين قبل ١١ فبراير وبعده «خيانة للوطن وعبث باستقراره».
يواجه إذن مسار الاحتجاج الشعبى تحديين رئيسيين. من جانب، الاستمرار فى الضغط السلمى من أجل انتزاع حقوق الشهداء والمصابين ومن انتهكت حقوقهم بمحاكمة المسئولين ومنع حدوث انتهاكات جديدة وكذلك انتزاع نقل السلطة للمدنيين بصورة منظمة وسريعة. من جانب آخر، استعادة الحاضنة المجتمعية المؤيدة لهذه المطالب المشروعة بالالتزام الكامل بسلمية الاحتجاج الشعبى والحالة الثورية وبالابتعاد عن تعويق العمل بالمنشآت العامة أو الخاصة. وعلى الجانبين ينبغى للتعامل بنجاح مع التحديات أن ننجح فى إحداث ترابط وتلازم عضوى بين مسار الاحتجاج الشعبى ومسار بناء مؤسسات النظام الجديد وفى القلب منها مجلس الشعب المنتخب.