تجاهل عاموس عوز
سيد محمود
آخر تحديث:
الثلاثاء 8 يناير 2019 - 11:45 م
بتوقيت القاهرة
لم ينل خبر وفاة الروائى الإسرائيلى الشهير عاموس عوز اهتماما فى صحافتنا العربية يليق بتأثير هذا الكاتب فى المجتمع الإسرائيلى ويقينى ان تجاهل الرجل بعد أسابيع من وفاته كاشف عن مأزق أكبر فى طريقة تفكيرنا حول ما يحدث فى إسرائيل التى كانت فى الماضى موضوعا لاهتمام بحثى واعلامى أكبر مما يبدو حاليا.
وعلى الرغم من استمرار الجرائم الاسرئيلية بحق الفلسطينيين الا أن أصحاب القرار فى عالمنا العربى مولعون بـ«تجاهل» الموضوع برمته، وفى الماضى كان الاهتمام الاعلامى بإسرائيل يقع فى دائرة «اعرف عدوك» وكان هذا الشعار يجعل ما يجرى فى الاراضى المحتلة خبزا يوميا لغالبية المهتمين بالعمل العام وطالما ان الخيال العربى الرسمى أصبح لا ينظر لإسرائيل النظرة التى تلائم عدوا، فإن تجاهل موت عاموس عوز يبدو مفهوما، لأن تناول سيرته الحافلة بالتحولات يعطى مصداقية أكبر لخطاب مقاطعة إسرائيل وتأثيم عدوانها المستمر على الفلسطينيين وهو أمر بات مقلقا للكثيرين فى مواقع صنع القرار.
سمعت لأول مرة باسم عوز بعد قيام ناشر مصرى بنشر ترجمة لرواية عوز «حنا وميخائيل» نهاية التسعينيات وكالعادة أثيرت نقاشات بين مؤيد ومعارض لهذا الفعل ورفعت شعارات كثيرة، وصلت لحد اتهام الناشر وتخوينه قبل ان ينسحب تماما من الفضاء العام ويختفى تماما من «الأماكن» التى كان يرتادها.
وعكس النقاش وقتها درجة حرارة مجتمع كانت نخبته تدير موقفها من إسرائيل بمساحة من الاستقلال يتم استثماره فى ادارة العلاقة الرسمية مع إسرائيل ولم يكن بعيدا عن هذا السياق ما جرى وقتها من أمور وصلت لذروتها مع إطلاق تحالف كوبنهاجن وغيره من المبادرات الشبيهة فى أهدافها مع ما كان يدعو اليه عاموس عوز.
ومنذ تلك الايام أصبح اسمه لافتا للنظر، خاصة أن ناشرين عرب توسعوا فى نشر ترجماته وخاصة سيرته الذاتية التى كتبها بعنوان «حكاية الحب والظلام» وتحولت إلى فيلم سينيمائى أنتج عام 2015 وأخرجته النجمة نتالى بورتمان وجاء هذا الاجراء استثمارا لتحولات فى مسيرته وصلت به لحد السخرية من «الكوبيتز» الإسرائيلى ومجتمع الجيتوهات، وكانوا دائما يرفعون فى وجه الرافضين لهذا الاجراء تصريحات عوز التى كانت تمثيلا مثاليا لمواقف فصيل رئيسى فيما يسمى بـ«اليسار الإسرائيلى» الذى يؤيد حل الدولتين والداعى إلى الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية ودعم السلطة الفلسطينية وتقويض نفوذ حماس داخل قطاع غزة.
ووفقا لتقرير نشرته بى بى سى عقب وفاته «وجه المتشددون فى إسرائيل اتهامات بالخيانة لعوز وكان يرد عليها ويعتبرها «أوسمة على صدره».
مات عوز دون ان ينل جائزة نوبل التى انتظرها وتمنى البعض لو حصل عليها بالشراكة مع كاتب عربى كدلالة رمزية لحل الدولتين إلا أنه بدلا من أن يموت على مقاعد التتويج انتهى على مقعد «المبشر» الذى راهن على لحظة لا تزال بعيدة المنال لأن إسرائيل تعتز بالقتل أكثر من الحوار ولأن فخاخا كثيرة فى خطابه تحتاج لمن ينتبه إلى منطقها المتداعى.