جمهورية ميدان التحرير(2)
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 8 فبراير 2011 - 10:38 ص
بتوقيت القاهرة
سواء رحل الرئيس مبارك هذا الاسبوع أو استمر حتى نهاية مدته الرئاسية، فإن المعركة الحقيقية التى تواجه ثورة 25 يناير لم تبدأ بعد. وحتى إذا كانت مظاهرات ميدان التحرير قد أسقطت شرعية جمهوية مبارك وجعلته هو شخصيا بلا أظافر ولا أنياب وبدون صلاحيات حقيقية وبلا أى قدرة على اتخاذ قرارات مهمة، فإن نظامه وإن كان يترنح فإنه لم يسقط بعد.
وخلال الايام الماضية، اكتشفنا أن هناك تيارين داخل النظام، الأول أعلن مشروعية ووطنية مطالب وشعارات المتظاهرين، وبدأ يتحاور مع القوى السياسية المختلفة لتحويل الثورة إلى دولة.. أما التيار الثانى فقد كشف عن وجهه القبيح، وهو يهاجم متظاهرى التحرير بقراصنة يركبون الجمال ويحملون السيوف والكرابيج والمطاوى، وقبل ذلك بإطلاق البلطجية والحرامية وقطاع الطرق من السجون ليثيروا الفوضى والذعر بين الناس، وبتخويف الغرب من استيلاء الاخوان على الحكم، وبإطلاق الشائعات عن قوى أجنبية مشبوهة تقف وراء المظاهرات، وأن هؤلاء الشباب النبلاء هم عملاء لأجهزة مخابرات غربية تريد تخريب البلد.
باختصار، لعب هذا التيار بالبيضة والحجر لإيقاف ثورة جمهورية ميدان التحرير، لكى تنجو قياداته بثرواتهم المشبوهة التى كونوها فى عصر مبارك، وليحافظوا على دولتهم التى اغتصبت الحقوق والحريات.. ولكن حتى الآن، لم تندلع بعد المعركة المفروض اندلاعها بين هذين التيارين المتناقضين، ولم تسفر المناوشات بينهما إلا عن الاطاحة ببعض الرءوس الكبيرة من مناصبها القيادية فى الدولة، وإحالة رءوس أخرى إلى النيابة بتهم تتعلق باستغلال نفوذهم وتكوين ثروات تقدر بالمليارت.
التيار الاول يبدى استجابة واضحة للتحول من الثورة إلى الدولة الديمقراطية، ولكنه لم يطرح بعد مشروعا سياسيا لإقامة دولة ديمقراطية ولم يقدم أساليب محددة لمواجهة فساد جمهورية مبارك، ولم يكشف عن أى نية لرفع سقف المتهمين بتكوين الثروات المشبوهة أو غير معروفة المصدر.. وربما يكون الوقت مبكرا لنحكم على قدرة هذا التيار على خوض هذه المعركة، ولكن كل من يعرف تاريخ عمر سليمان واحمد شفيق يدرك طهارة ايديهما من اى شبهات، كما لا ينكر احد انهما يقودان مصر بشكل مختلف فى هذه المرحلة العاصفة.. ولكن على الرجلين أن يدركا جيدا أن أى تأخير فى تنفيذ مطالب الثورة الشعبية فى مصر سوف تقلب الرأى العام ضدهما، كما ستقوى اسلحة المافيا التى كانت تحكم البلد فى مواجهتهما.
والمؤكد أن الحوار بين هذا التيار وبين فصائل المعارضة المختلفة لن يكتب له النجاح ما لم توضع هذه المافيا خلف أسوار السجون.