نبيل صموئيل.. أحد بُناة الجسور
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 8 فبراير 2022 - 8:35 م
بتوقيت القاهرة
يكثر فى هذه الأيام التعازى، وتحفل صفحات التواصل الاجتماعى بأنباء رحيل أقارب أو أصدقاء أو معارف، ويتساءل كثيرون لماذا فى هذه الأيام نشتم بكثافة رائحة الموت، ويرحل من كنا نظن أنهم باقون معنا فترة أخرى. إنها إرادة الله، ويظل المجال أمامنا لنتذكر اسهام الراحلين.
الدكتور نبيل صموئيل، خبير تنموى رفيع، تولى مدير الهيئة القبطية الانجيلية للخدمات الاجتماعية لسنوات طويلة خلفا لمؤسسها الراحل القس الدكتور صموئيل حبيب، تعلم منه، وأعطى جانبا من حياته للتنمية، وتقاطع مع خبرات تنموية دولية، وجلب أفكارا مهمة فى التنمية سواء ما يتعلق بالتمكين، والحوار، وغيرهما، وجعلها جزءا مهما من أجندة عمله فى مجال التنمية. وصفه القس الدكتور أندريه زكى رئيس الطائفة الإنجيلية، ومدير الهيئة حاليا بأنه «قيادة مخلصة، كان له دور كبير فى تطوير منظومة العمل بالهيئة بكل تفانٍ وإخلاص».
ولم يكن الراحل خبيرا تنمويا فقط بل شخصية وطنية عامة، كان عضوا فى المجلس القومى للمرأة، وشغل مقرر لجنة المنظمات غير الحكومية بها، وكان له باع فى العديد من الهيئات العاملة فى مجال المجتمع المدنى، مثل المجلس العربى للطفولة والتنمية. ويكفى العزاء الكثيف له على وسائل التواصل الاجتماعى من قيادات دينية، إسلامية ومسيحية، وشخصيات أكاديمية، وإعلاميين، ونشطاء فى المجال العام، وهو ما يثبت اتساع الأفق، والتسامح، والمحبة التى تحلى بها هذا الرجل.
كان مؤمنا حقيقيا، فى وقت يكثر فيه المؤمنون بالاسم أو الشكل، يعيش فى استنارة داخلية، ويتعامل بود ومحبة مع كل من يلقاهم، متواضعًا، منفتحًا، يحمل رسالة روحية تجاه المجتمع. فى اللقاءات التى جمعتنى به على مدار سنوات، لم أره يوما غضوبا، أو منفعلا، أو متحاملا، أو يتحدث لغة فى المجالس الخاصة تختلف عن حديثه فى اللقاءات العامة. يجيد فن بناء الجسور بين المختلفين، مما جعله مؤثرا، ومحل ود وحب وتقدير من كل من تعامل معه على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم ومعتقداتهم.
كان خبيرا تنمويا رفيعا، له خبرات ميدانية، وأخرى ثقافية وفكرية فى مجال محاربة الفقر والتهميش، ومواجهة الأفكار والممارسات الخاطئة، والرعاية الصحية، والتدريب، وبناء رأس المال الاجتماعى، والإدارة، والتنمية البشرية، وغيرها من القضايا التى يحتاج إليها المجتمع فى كل وقت، ولا غنى عنها فى بناء الإنسان.
كان شخصية وطنية بامتياز، تدينه لم يطغ على هويته الوطنية، نموذج فريد لشخص يجمع بين الروح والفكر، التأمل والعمل، الهدوء والعلاقات الاجتماعية، مستمع جيد، يحترم من يتعامل معهم، قليل الحديث عن نفسه، يؤمن بأهمية العلاقة بين التنمية وحقوق المواطن، التنمية وتمكين الإنسان، التنمية ومواجهة الأفكار السلبية من تعصب، وكراهية، ورفض للآخر.
قلما نجد شخصا يمتلك هذه الخصائص، وهو ما جعله لا يعبر فقط عن المسيحيين أو جماعة منهم بل كل المصريين، مسلمين ومسيحيين. نموذج نبحث عنه فى جهود بناء مجتمع التسامح وقبول الآخر والتنوع، واحترام الإنسان، أى انسان.
خبر رحيل الدكتور نبيل صموئيل أحزن كثيرين، فهو شخصية لم يختلف عليه أحد، وأظنه فى قلب كل من تعامل معه.