أيهما أفضل للفلسطينيين.. بايدن أم ترامب؟
محمد المنشاوي
آخر تحديث:
الخميس 8 فبراير 2024 - 6:25 م
بتوقيت القاهرة
مع تأهب الأمريكيين للاختيار مرة أخرى بين الرئيس الحالى جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترامب، فى الانتخابات الرئاسية القادمة، أطرح سؤالا يخص الشعب الفلسطينى بالأساس، ألا وهو أيهما أفضل: ترامب أم بايدن؟
بداية، هل سيكون هناك اختلافات صارخة بين موقف الرئيسين من القضية الفلسطينية؟ وكيف سيكون لسياستهما ومواقفهما من تأثير مباشر وغير مباشر على الفلسطينيين وحياتهم وأمنهم ودولتهم التى يطمحون إليها.
لا توجد إجابة يقينية هنا، لكن بعض المؤشرات الماضية قد تكون بداية لتوقع ما هو آت.
وقبل ذلك قد يتوقع البعض تغيرا كبيرا فى مواقف بايدن حال إعادة انتخابه فى نوفمبر المقبل، إذ يكون أكثر حرية فى فترة الحكم الثانية التى لا يخوض بعدها أى انتخابات أخرى، وينصب نفس الشىء على فترة حكم ثانية وأخيرة لترامب. إلا أنه من المؤكد أن سياسات بايدن أو ترامب، فى فترة حكم أحدهما الثانية، سيكون لها آثار دراماتيكية على مستقبل كل دول المنطقة. وفى ظل عدم اليقين حول إذا ما كان سيختار بايدن أو ترامب تغيير مسار مواقفهما بدءا من عام 2025 أم لا؟.
لا يوجد سبب لتوقع ألا يتصرف أى من الرئيسين بشكل مختلف فى المستقبل عما كان عليه فى الماضى.
• • •
كرئيس، طرح ترامب تصورا مختلفا سمى بصفقة القرن، اعتبره الجانب الفلسطينى والعربى ظالما ويخدم ويحابى الجانب الإسرائيلى فقط. ونقل ترامب السفارة الأمريكية فى إسرائيل إلى القدس، وأغلق المكتب الدبلوماسى للسلطة الفلسطينية فى واشنطن، وأغلق القنصلية الأمريكية فى القدس الشرقية. كذلك ركز ترامب بنجاح على ملف التطبيع العربى الإسرائيلى، وعقد الاتفاقيات الإبراهيمية التى نتج عنها علاقات دبلوماسية بين إسرائيل و4 دول عربية. وتضمنت صفقة القرن الترامبية كذلك دعوة إلى إقامة دولة فلسطينية مماثلة فى حجمها لمنطقة ما قبل عام 1967 فى الضفة الغربية وقطاع غزة.
• • •
وكرئيس منذ يناير 2021، لم يقدم بايدن على تغيير الأوضاع المعوجة التى أسس لها ترامب، بل أعتقد أنه سعد بما ورث، وعمل على البناء عليه فى مختلف الاتجاهات. وتعامل بايدن مع الفلسطينيين كما فعل ترامب، ولم ينفذ وعده بإعادة فتح القنصلية الأمريكية فى القدس، وكرس بايدن وكبار أعضاء إدارته القليل من الجهد لاستئناف عملية السلام، وغضوا الطرف عن أعمال العنف المتزايدة التى يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون فى الضفة الغربية ضد الفلسطينيين العزل، وهى أفعال تسامحت معها إن لم تكن تدعمها علنا الحكومة الأكثر يمينية فى تاريخ إسرائيل، والتى لم تهز ممارساتها قبل السابع من أكتوبر عمق الصداقة والتحالف مع واشنطن.
وبدلا من محاولة تعديل ظلم بايدن للفلسطينيين، عملت إدارة بايدن على كسب ود المملكة العربية السعودية، فى محاولة لإتمام وتوسيع الاتفاقات الإبراهيمية. إضافة لكل ما سبق، وعلى الرغم من تعهده خلال حملته الانتخابية بالانضمام مجددا إلى الاتفاق النووى مع إيران، إلا أنه تردد ولم يقدم على ذلك، وهو ما ساهم بصورة أو أخرى، فى وصول رئيس متشدد إلى السلطة فى طهران، وهو ما زاد من عرقلة أى هدوء فى ملف الصراع العربى الإسرائيلى.
وبعد بدء عملية طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر، أسرع بايدن بتقديم مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية إلى إسرائيل، وهو ما تستخدمه حكومة بنيامين نتنياهو لقتل ما يقرب من 30 ألف فلسطينى بقنابل وذخيرة أمريكية مررها بايدن بالتحايل على القانون الأمريكى. ويرفض بايدن المطالبة بوقف إطلاق النار. واستخدم بايدن حق النقض ــ الفيتو ــ ضد قرارات مجلس الأمن الدولى التى تدعو إلى وقف إطلاق النار، ورفض طلب جنوب إفريقيا الموثق على نطاق واسع إلى محكمة العدل الدولية الذى يتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية باعتباره «لا أساس له». ويقال إن بايدن، بعد شهرين من بدء العدوان الإسرائيلى، قد طالب إسرائيل بتخفيف حدة هجماتها، إلا أن نتنياهو يتجاهل ذلك دون أى رد فعل من واشنطن.
• • •
لا يكترث ترامب إلا لمصلحته الشخصية، وتحيزه ضد المسلمين موثق جيدا، إلا أنه لا ينبغى لأحد التوهم أن فترة حكم ثانية لبايدن ستشهد أكثر مما حققته جهود أمريكا السابقة التقليدية أثناء حكم رؤساء تقليديين من أبناء المؤسسات السياسية الأمريكية التقليدية، سواء الجمهورى منها أو الديمقراطى، نحو منح الفلسطينيين حقوقهم. فى الوقت ذاته، جاء موقف ترامب من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة منصبا على شخصه بالأساس! وقال لو كنت رئيسا لترددت حركة حماس فى القيام بهجوم 7 أكتوبر. ثم أغضب ترامب قبل أسابيع الدوائر السياسية والإعلامية الأمريكية بعدما أشار إلى أن الجانبين، الفلسطينى والإسرائيلى، يتصفان بكراهية بعضهما البعض، ويرى ترامب أن هذه الكراهية المكتسبة راسخة فى كلا الجانبين.
• • •
على النقيض، قد يوفر فوز ترامب بفترة حكم ثانية بصيصا من الأمل، لا يتوافر فى حالة بايدن. ترامب رجل أعمال بالأساس، ولا أستبعد أن يكون سعى ترامب وعائلته، لتتبع المال (الخليجى) قد يوفر فرصة نادرة لتفرض إدارة ترامب الثانية ضغوطا لم تعرفها إسرائيل من قبل تجاه تأسيس دولة فلسطينية.
وأذكّر القراء هنا أن ترامب هو السياسى الأمريكى الوحيد الذى تعهد بفتح سفارة لطهران فى واشنطن حال موافقة إيران على صفقة جديدة للملف النووى، وهو ما لم يجرؤ عليه أى رئيس منذ اندلاع الثورة الإسلامية بإيران عام 1979. كذلك كان ترامب الرئيس الذى تجرأ على دعوة ممثلى حركة طالبان لاجتماع فى البيت الأبيض للتوقيع على الاتفاق الذى مهد للانسحاب الأمريكى من أفغانستان، إلا أنه تم إلغاء الاجتماع فى اللحظات الأخيرة بسبب هجوم فى كابول قتل فيه جندى أمريكى.
ما أود الإشارة إليه أن أى رئيس غير تقليدى لا يعترف بتوازنات القوى داخل العاصمة واشنطن، ويجهلها، ولا يتقيد بضغوط اللوبى اليهودى، ولا يكترث بالتبرعات المالية لكبار ممولى الحزبين، قد يوفر بارقة أمل، طالما أن الجانب العربى يرفض استغلال ما لديه من موارد وإمكانات ضخمة مالية وبشرية وعسكرية، لدعم طموحات الفلسطينيين فى دولة مستقلة.