اصطياد ايمن نور
محمد عصمت
آخر تحديث:
الأربعاء 8 أبريل 2009 - 3:13 م
بتوقيت القاهرة
اخيرا ..نجح خصوم ايمن نور فى اصطياده متورطا ببيان، كان السبب فى "جرجرته" الى الوقوع فى الفخ السودانى.!
فى هذا البيان الذى اصدره حزب الغد ، أعلن نور تأييده لمحاكمة الرئيس السودانى عمر البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية ، منتقدا فيه ازدواجيتها فى تطبيق العدالة ،ومطالبا بمحاكمة مجرمى الحرب الاسرائيليين أمثال اولمرت وورفاقه بعد عدوانهم الوحشى على غزة .. فى حين تجاهل نور تماما جرائم الرئيس الامريكى السابق جورج بوش وادارته فى العراق .
خصوم نورقالوا انه لا يستطيع اغضاب اصدقائه فى واشنطن .. واتهمه نائبه السابق فى الحزب انه رجل واشنطن فى مصر ،وانه يريد ان يحصل على اللجوء السياسى فى امريكا ، فى مبالغة لن يصدقها احد بسهولة إلا إذا أراد نور ان يحرق جماهيريته بنفسه وان يدخل بقدميه عش الدبابير ويغلق الباب خلفه بالضبة والمفتاح !
فى تصورى ان نور يدرك بفراسته السياسية ان كل الطرق الان تؤدى الى الاطاحة برأس البشير ، وان العد التنازلى لتصفيته قد بدأ فعلا..وقد يكون قد اختار تأييد المحكمة لأنه يرى أن معارضته هو أو غيره لن تثنى الغرب عن افتراس السودان قطعة وراء أخرى ..
الجميع يدرك وأولهم نور أن تأييد واشنطن لمحاكمة البشير لا يمت بأى صلة لمقتضيات العدالة ، فواشنطن نفسها تغض الطرف عن انتهاكات صارخة لحقوق الانسان فى دول عربية اخرى ، دون ان تطلب بمحاكمة قادتها ، بل ان امريكا نفسها ارتكبت جرائم حرب كان آخرها فى العراق.
وقبل ذلك كله ، فان رائحة البترول التى تبدو واضحة فى قرار اوكامبو ،
تكشف عن ان واشنطن تتاجر بقضية دارفور للسيطرة على النفط السودانى كجزء من استراتيجيتها للسيطرة على امدادات النفط فى العالم ومحاصرة القوى الكبرى اقتصاديا وعلى رأسها الصين للتحكم فى أسعاره وكميات انتاجه بالشكل الذى يحقق مصالحها ..
وهو مخطط يتكامل مع اهداف امريكية قديمة، فواشنطن هى التى اججت نيران الحرب بين قبيلتى الهوسا والتوتسى فى رواندا وبورندى فى تسعينات القرن الماضى وساهمت ومعها اسرائيل بامداد طرفى النزاع بالاسلحة مما ادى الى سقوط نحو مليون قتيل فى مجزرة امريكية تأليفا واخراجا استهدفت اقتلاع النفوذ الفرنسى من وسط افريقيا الذى يمتلك ثروات هائلة أقلها الذهب واليورانيوم..واليوم تستهدف أمريكا السيطرة على السودان لتضع يدها على الاقليم كله من البحر الأحمر الى المحيط الاطللسى والذى اصبح يسمى الان بالنادى الامريكى بعد ان كان يطلق عليه النادى الفرنسى بسبب ولاء النخب الحاكمة فى هذه الدول الى باريس!
اخطر ما فى المحكمة وتجاهله ايمن نور.. هى انها وضعت العقل السياسى المصرى والعربى امام اختيار صعب ، مابين رفض المحكمة وضياع فرصة البحث عن العدالة فى دارفور ..أو قبولها وفتح الابواب أمام تفتيت السودان ووقوعه تماما تحت النفوذ الاسرائيلى والامريكى..وهى نفس الاجواء التى صاحبت غزو العراق ووضعتنا أمام الاختيار بين الدفاع عن نظام غير ديمقراطى او تفتيت العراق ونهب ثرواته!
كل ما كنت ارجوه من أيمن نور أن يطالب، قبل تأييده لمحاكمة البشير ، بمحاكمة بوش وزباينته فى العراق،ولكنه للاسف لم يفعل ..حتى الآن!