الرئيس ينكر
عماد الغزالي
آخر تحديث:
الإثنين 8 أبريل 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
«أنقذت ثورة 25 يناير البلاد من نظام فاسد مستبد، لكن الأهم، أنها أنقذتها من السيناريو الأسوأ الذى طالما حذرنا منه على مدى سنوات، سيناريو الفوضى الاجتماعية الشاملة التى تحصد فى طريقها الأخضر واليابس».
كانت هذه هى الفقرة الأولى من أول مقال كتبته صباح الاثنين 14 فبراير 2011 عقب خلع الرئيس السابق بأيام ثلاثة، تحت عنوان «مصر الجديدة».
كان سيناريو الفوضى هو الأقرب للحدوث، بالنظر إلى التفاوت الحاد فى الدخول وتوزيع الثروة، وتزايد معدلات الفقر بصورة مريعة، وحالة الصمم التى أصابت النظام السابق وعمى البصر والبصيرة الذى جعله يصر على احتكار السياسة فيقصى معارضيه، ويتلاعب بقوانين الانتخاب و«يكوّش» على كل مقاعد البرلمان.
بعد عامين من الثورة، وبعد ثمانية شهور من حكم مرسى والإخوان، أليس مدهشا ومريعا أننا بتنا على مشارف السيناريو الأسوأ الذى طالما حذرنا منه على مدى سنوات؟
ثورة يناير، إن كنت لا تعلم، قامت دفاعا عن الدولة التى تآكلت أركانها وتهاوت دعائمها بفعل نظام شائخ فاسد مترهل، وهى بما رفعته من مطالب، إنما استهدفت استعادة الدولة المصرية من خاطفيها، وبناء دولة عصرية قوامها الحرية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون، فما الذى وصلنا إليه؟
رئيس لم يحقق إنجازا واحدا طوال شهور حكمه الثمانية، وتفرغ تماما لتمكين جماعته وإحكام قبضتها على مفاصل الدولة، ويواصل هو ومرشده وإخوانه حديثهم الخائب عن المؤامرة الوهمية التى تستهدف إفشالهم، دون أن يفوتهم تذكيرك أنها مؤامرة ضد الإسلام والمشروع الإسلامى، باعتبارهم مبعوثى العناية الإلهية لإنقاذ المصريين من الضلال.
حالة بائسة من انسداد الأفق، فتحت بابا واسعا لاستخدام العنف فى العمل السياسى، وإقصاء لجميع القوى السياسية بل واتهامها بالعمالة والخيانة دون دليل.
لا جديد فى تذكيرك باحتقار الرئيس للقانون، ومعاداته وجماعته لفكرة الدولة ومؤسساتها، ولاأظن أن أحدا يحتاج إلى جهد كبير ليدرك حجم الفشل الذى يقودنا إليه الرئيس وحكومته وجماعته، وحجم الكذب والضلال الذى يمارسونه فى الخفاء وفى العلن.
السؤال الأهم هنا: هل يدرك الرئيس فعلا أنه غير قادر على إدارة البلد، هل يدرك أن مصر كبيرة عليه وعلى جماعته، هل يدرك حجم الخيبة التى يعانيها الناس جراء سياساته الفاشلة المنحازة للأهل والعشيرة، هل يدرك المصيبة التى تنتظرنا بعد شهرين أو ثلاثة إذا استمر أداؤه على هذه الصورة، هل يدرك أنه بتجاهله لنصائح المعارضة يدفعنا دفعا إلى هاوية سحيقة لن ينجو منها أحد؟
أغلب الظن أن الرئيس لا يدرك هذا كله، فالأمور كما يراها «تسير على ما يرام»، ومصر ستعبر محنتها الاقتصادية وتبدأ عبورها الثالث على يديه «فى خلال ستة شهور على الأكثر»، كما أن البلد لن يقع «وقعة فى ركبكم»، وكل ما يقال عن توترات واحتقانات وأزمات ليس سوى شائعات مغرضة «وصباعين تلاتة بيلعبوا فى البلد».
فضيلة الإنكار التى يعتمدها الرئيس وجماعته تقربنا شيئا فشيئا من السيناريو الأسوأ، وسياساته الإقصائية الفاشلة تدفعنا بقوة فى اتجاه الحرب الأهلية.
وكأن لا ثورة قامت ولا نظام انخلع.