الفرعون الأخير!
محمد عصمت
آخر تحديث:
السبت 8 مايو 2010 - 10:20 ص
بتوقيت القاهرة
بكل ما حملت سنوات حكمه من انتصارات وهزائم، وبكل مافيها من حلاوة للبعض ومرارة للآخرين.. سيكون الرئيس مبارك عنوانا لـ«مرحلة مهمة» توشك على الأفول فى تاريخنا السياسى.. فالرئيس القادم لن يستطيع أن يمتلك ولو ربع الصلاحيات الدستورية المتوافرة للرئيس مبارك والتى ورثها عن عبدالناصر والسادات. فالرئيس مبارك سيكون بالفعل آخر فراعنة مصر بعد أن اكتسب شرعيته «على الطريقة الفرعونية» عن جدارة واستحقاق باشتراكه فى صنع انتصارات أكتوبر التى أثبت فيها كفاءة عسكرية متميزة.
قد يكون للرئيس مبارك إنجازات هائلة يراها كثيرون فى بناء عشرات المصانع على أسس تكنولوجية حديثة، وإقامة بنية أساسية ضخمة، ونجاحه فى تشكيل طبقة جديدة يتمتع كثيرون من رموزها كوّنوا ثروات بالملايين والمليارات، وهم الذين يقودون الآن حركة التنمية الاقتصادية.
لكن على الجانب الآخر هناك غالبية المصريين الذين يعانون الفقر ويدفعون ثمن فساد الكبار ويحكمهم قانون الطوارئ منذ 50 سنة، ويتنفسون هواءا ملوثا فى المدن، ويأكلون طعاما مسرطنا، ويصابون بأمراض وبائية فى الكبد والكلى، والذين فقدوا التعليم الجيد فى مدارس الحكومة، وهم بالتأكيد لن يحزنوا إذا تغير النظام الحالى بكل رجاله.
وقد يستطيع الرئيس مبارك أن يبقى الأوضاع كما هى عليه ويواصل مواجهة الاحتجاجات الشعبية بتقديم بعض التنازلات تارة، أو للجوء إلى الأمن المركزى لقمعها تارة أخرى.. ولكنه فى الحالتين لن يستطيع أن يمنع فوضى عشوائية بدأت بوادرها مع «موجات الغضب» المصاحبة لاعتصامات العمال وصغار الموظفين أمام مجلس الشعب.
ورغم أننى لا أتوقع أن يعلن الرئيس فى الفترة المقبلة عن دستور ديمقراطى جديد، أو أن يأمر بإعادة توزيع الثروة القومية على أسس عادلة، ومواجهة الفساد ومحاسبة أصحاب الثروات المشبوهة، وإبعاد ابنه عن العمل السياسى بعد أن فشل فى كل الامتحانات الجماهيرية التى خاضها..
لكنى أتوقع منه الإصغاء إلى «رسائل المستقبل» التى يحملها جموع الغاضبين أمام رصيف البرلمان، والتى تحذر من أن شرعية النظام توشك على أن تفقد آخر رصيد لها، تماما مثلما تتساقط الأوراق من شجرة عجوز فى فصل الخريف.. فهل يفاجئنا الرئيس بقرارات ثورية ننتظرها منه منذ 29 عاما؟!