** هذا ليس موضوعًا سياسيًا، حتى لو كانت الرياضة فيها كثيرًا من السياسة. وهذا ليس كلامًا ضد الشعب القطرى الذى أعرفه جيدًا بما فيه من طيبة وسلام. ولكنه تناول لقضية رياضية شديدة الخطورة والأهمية وتثير علامات استفهام حول صمت عالمى طال حين اتخذ قرار منح قطر حق تنظيم المونديال فى سابقة هى الأولى من نوعها يوم صوت كونجرس الفيفا على منح شرف تنظيم بطولتى كأس العالم فى عامى 2018 و2022 مرة واحدة وكان ذلك التصويت غير مبرر وغير مفهوم الأسباب.
.. والآن نتوقف أمام علامات استفهام إزاء صمت إقليمى وعربى آخر طال فى انتظار قرار سياسى.. وللأسف هناك حاليًا صخب وضوضاء ومطالبات بمواقف وطنية شخصية بناء على خطوة مقاطعة قطر وهو قرار سياسى. إلا أن الموقف الوطنى الشخصى لا ينتظر القرار السياسى. السياسة وقتية والوطنية دائمة. السياسة مصالح. والوطنية مصلحة واحدة.. وأخيرًا السياسة أقل ألف مرة من الوطنية.. ولا يجب فى جميع الأحوال أن تتحول المقاطعة السياسية إلى مقاطعة شعب.. ولا يجب أيضًا أن يتحول الشعور الوطنى إلى مزايدة فجرتها مناسبة أو إلى موقف تذكره من نسى وكان ينسى إساءات قطر وقنواتها الإعلامية إلى مصر وحرصها على تصدير الشر والأشرار إلى تراب بلدنا بأخبار مفبركة وأفلام مريضة فيها من الكذب والادعاء الفاجر غير المسبوق من عملاء باعوا ضميرهم المهنى.. ألم يكن ذلك داعيًا إلى موقف وطنى فى حينه؟!
** فى مطلع ديسمبر 2010 فازت قطر بشرف تنظيم كأس العالم لعام 2022 بعد منافسة نهائية مع الولايات المتحدة. وحصلت قطر على 14 صوتًا مقابل 8 أصوات لأمريكا. وكانت دول اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا دخلت السباق إلا أنها خرجت منه فى الأدوار الأولى.
** فى عام 2011 وبعد اختيار قطر لتنظيم المونديال كتبت هنا تحت عنوان شتاء سعيد على شاطئ دخان، وهو أحد شواطئ خليج الدوحة وتساءلت: هل سيقام مونديال 2022 فى الشتاء؟
** قلت نعم.. ففى أشهر الصيف تكون درجة الحرارة والرطوبة مرتفعة فى قطر.. ولا تكفى النهضة المذهلة التى قفزتها قطر فى سنوات قليلة، ولا تكفى أعجوبة الملاعب المكيفة التى تتراوح درجة حرارتها بين 25 و27 درجة مئوية.
** وقال بلاتر لمجلة «دى زايت» الألمانية: إن السياسة والمصالح الاقتصادية أثرت جزئيًا على اختيار قطر لاستضافة العرس الكروى العالمى المقرر بعد تسعة أعوام من الآن.
وقال بلاتر: «نعم، كان هناك بشكل مؤكد تأثير سياسى مباشر. القادة فى القارة الأوروبية قاموا بتوصية أعضائهم المصوتين باختيار قطر بسبب الاهتمام الاقتصادى الهائل فى هذا البلد».
وأشار بلاتر فى تصريح آخر لموقع «إينسايد وورلد فوتبول» أن اختيار قطر لاستضافة حدث عالمى يقام عادة فى فصل الصيف كان خاطئًا على الأرجح!.
(معلوم مثلًا أن صفقات قدرت بـ14 مليار دولار تمت بين قطر وفرنسا لشراء سلاح وطائرات إير باص).
** الخطأ دفع ثمنه بلاتر ورفاقه.. لكن المشكلة معقدة والقرار ليس سهلًا.
** أولًا: هناك اعتراض قديم وجارٍ من الأندية الأوروبية والهيئات التى تدير المسابقات المحلية، وكان الإنجليز طلبوا مبدئيًا تعويضًا قدره 500 مليون دولار للأندية عن توقف البريمييرليج لمدة شهر. ثم رفضوا الفكرة تمامًا وطالبوا بنقل البطولة أصلًا من دولة قطر. كما طالبت أستراليا بتعويض قدره 40 مليون دولار، وهو ما يعادل المبلغ الذى أنفقته البلاد فى إعداد ملفها بشأن نفس البطولة.
** ثانيًا: إن إقامة البطولة فى الشتاء أمر صعب، وهو ما كانت ترفضة محطة تليفزيون فوكس ومحطة إن بى سى الأمريكيتين اللتان تعاقدتا مع الفيفا بمبلغ مليار دولار مقابل نقل أحداث ومباريات كأس العالم 2018 و2022 إلى أمريكا الشمالية، وذلك على أساس إقامة البطولة صيفًا. إذ أن أهم الأنشطة الرياضية الأمريكية مثل مباريات كرة القدم الأمريكية (من أكتوبر إلى ديسمبر) تنقل يوم الأحد من كل أسبوع فى تلك الفترة على الهواء مباشرة بينما تنقل ومباريات الجامعات يوم السبت..!
** فى عام 2013 تناولت قصة مونديال 2022 باعتبار أنه مأزق الفيفا.. وقلت فى عناوين:
سكان قصر جمهورية كرة القدم فى زيوريخ
محاصرون بأخطر مشكلة تواجه اللعبة الشعبية الأولى فى كوكب الأرض
أمام اللجنة التنفيذية هذه الأسئلة:
.. هل تقام البطولة صيفًا.. ويقبل العالم بدرجات الحرارة المرتفعة التى لا تحتمل؟
.. هل يمكن أن تقام كأس العالم فى الشتاء..ويتعرض الفيفا إلى مشكلات مالية وقانونية مكلفة وخطيرة؟
.. هل تسحب البطولة من قطر.. وتفتح أبواب الحساب وعواقبه مع جوزيف بلاتر ورفاقه؟
** لقد دفع بلاتر ورفاقه الثمن فى عام 2014 بضغوط وتحقيقات أمريكية، وهى التى نافست قطر على استضافة المونديال. وتمت تصفية بلاتر ورجاله. ثم بدأت الآن معركة التسريب بشأن سحب المونديال من قطر، وهو أمر أشار إليه رئيس الفيفا بجملة: «سنراقب الموقف وما يجرى لحسم مسألة المونديال». والصحف الإنجليزية لم تسكت منذ اليوم الأول ولن تصمت الآن. لكن المؤكد أن قطر لن تستسلم خاصة أن أنفقت الكثير من المال وكانت تعهدت بإنفاق 42 مليار دولار خلال ملفها الذى قدمته للفيفا على البنية التحتية وسحب المونديال منها سيعنى خسائر فادحة.. ولكنه سوف يسحب بوثائق تدين مساندتها للإرهاب.