دع القلق.. وابدأ علامك من جديد!
حسام السكرى
آخر تحديث:
السبت 8 يونيو 2019 - 10:20 م
بتوقيت القاهرة
انهيت الاختبار التحريري وجلست أمام الممتحنة التي بدأت تحاورني بالإسبانية عن أسباب اهتمامي باللغة، ورغبتي في دراستها. بدأت أنسج من الكلمات التي أعرفها جملا اجتهدت قدر الإمكان أن تكون بسيطة ومفهومة وصحيحة. دام حوارنا نحو عشر دقائق، خرجت بعدها إلى الردهة إلى أن طلبتني السكرتيرة. أخبرتني أنني يمكن أن أبدأ الدراسة في المستوى الحادي عشر (من ستة عشر).
شعرت بفرح لم أعرفه منذ آخر شهادة حصلت عليها من الجامعة. خاصة أنني منذ عام واحد لم أكن أعرف من الإسبانية كلمة واحدة. دعوت في سري لعم زكي الذي ربما حكيت عنه قبلا. ذلك الستيني الذي زاملني في كورس لدراسة الألمانية عندما كنت في أولى سنوات الجامعة، وكان يقطع الرحلة بين القاهرة وطنطا يوميا ذهابا وإيابا لحضور الدرس. تصورت وقتها أن لديه سببا وجيها، كاللحاق بابنة هاجرت، أو الرغبة في التقاعد على ضفاف الراين. إلا أن الحقيقة التي سمعتها منه كانت بسيطة متوهجة ولا تزال ذكراها وذكرى الرجل تضيء جانبا من ذاكرتي.. كان دافعه الوحيد، هو متعة المعرفة.
بهجة خاصة ونادرة تلك التي تمنحها لك إضافة لغة جديدة إلى معارفك، فهي بمثابة مفتاح لتراث وثقافة وآداب وفنون وشعوب وأسواق عمل كانت مستغلقة.
أعلم أن الفكرة داعبتك كثيرا وأنك كنت دائما تتوق إلى كسر حاجز ما يقف بينك وبين تحقيقها. وأعلم أيضا أنك طالما اختلقت الأعذار لتأجيل تنفيذها. مرة تنوى أن تبدأ مع الإجازة السنوية، وعندما تأتي الإجازة تؤجل الأمر حتى العودة للعمل أو الدراسة! مرة تقول إنك ستنتظر حتى تدخر مبلغا من المال لدفع قيمة دورة لغوية، وأخرى تقرر فيها الانتهاء أولا من مشروع او مهمة أو سفرة أو امتحان.
توقف عن التأجيل وفكر في الآفاق التي سيفتحها لك إتقان لغة جديدة. ابحث عن أقرب مركز لغات بالقرب من مسكنك أو عملك، وإن لم تجد أو ضاق الحال أو الوقت، تذكر أن دورة اللغة ليست وسيلتك الوحيدة للتعلم. ما تتيحه الإنترنت اليوم من مصادر يعتبر نقلة غير مسبوقة في تاريخ العلم والتعليم لا ينبغي أن يفوتك الإفادة منه. ابدأ بتحميل هاتفك بتطبيقات مثل: Duolingo - Memrise - Busuu. استخدم محرك البحث لتعثر على Podcasts لتعلم اللغة التي ترغب فيها أو مواقع تسهل لك التعلم وحل التدريبات وتصحيحها بشكل فوري.
فعلتها وأنا أكبر منك سنا وأكثر بطأ وأقل احتياجا. ويقيني أنك تملك ما يزيد على ما لدي من دوافع، وما يجعلك أكثر قدرة على النجاح. أكاد أشعر بحماسك وهو ما يحفزني على تقديم بعض النصائح السريعة من خبرتي كتلميذ.
١- لا تسوف وابدأ الآن.
٢- ستشعر بعد أسابيع أو شهور بأنك لم تحرز النجاح الذي رغبته. تجنب الإحباط وواصل. انت تتعلم حتى ولو لم تكن تشعر بذلك. وعند "لحظة الكشف" ستفاجأ بانفتاح ما كان مستورا ومستغلقا عليك. فقط اصبر.
٣- لا تشغل نفسك في البداية بتعقيدات النحو والصرف (الجرامر). ابدأ مع التطبيقات بالتدريج. تعرف على معاني الكلمات، واجتهد في زيادة حصيلتك منها لاحقا، وبعد أن تترسخ الجمل والأنماط اللغوية في ذهنك ستبدأ في إدراك وفهم قواعد النحو والصرف، وطرق بناء الجمل والأفكار.
٤- احرص على أن تخصص وقتا للدراسة كل يوم. افعلها دائما حتى لو اضطررت لتقليل الوقت إلى خمس دقائق فقط بسبب الانشغال. فقط واصل التعرض للخبرة الجديدة كل يوم بصرف النظر عن المدة.
٥- أما النصيحة الأخيرة وربما الأهم فهي: لا تسوف وابدأ الآن.