تفجيرات الحرم النبوى.. الفجور والغباء
ناجح إبراهيم
آخر تحديث:
الجمعة 8 يوليه 2016 - 9:10 م
بتوقيت القاهرة
• كان النبى «صلى الله عليه وسلم» يخطب على جذع نخلة قبل أن يتخذ منبرا، فلما فارق الجذع إذا به يبكى للفراق ويجزع له ويحن للقاء رسول الله «ص» الذى شرفه من قبل، فهل الذين فجروا أنفسهم مع حراس المسجد النبوى وقريبا منه تشربت قلوبهم ما تشربه هذا الجذع، فهؤلاء لم يحبوا الرسول ولم يشتاقوا إليه ولم يحنوا إليه وعليه، ولم تتشرب أنفسهم توقيره وتعظيمه، لم يتعلموا من الجذع الأصم شيئا، كانت قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة.
• لقد كانت السيدة عائشة تفزع إذا دق أحدهم مسمارا فى جدار المسجد النبوى فتهتف بلسان المحبة للرسول «ص» زوجها قائلة «احذروا أن تؤذوا رسول الله».
• هؤلاء أدركوا أهمية توقير وتعظيم رسول هذه الأمة حيا وميتا، ولكن هؤلاء الأغبياء الفجار الذين أرادوا التفجير عند مسجد النبى لم يعرفوا شيئا عن هذه الآداب والأخلاق، مسمار يدق فى جدار المسجد كان السلف يخافون أن يؤذى النبى فى قبره، فكيف بالديناميت والمتفجرات.
• الملايين تكتظ فى ليالى العشر تريد أن تعيش بقلوبها إلى جوار النبى ووزيريه العظيمين أبى بكر وعمر وصحبه الكرام فى البقيع، وتسعد بقيام العشر الأواخر من رمضان فى ثانى أعظم مسجد على وجه الأرض، ثانى الحرمين، وإذا بهؤلاء الجهلاء يريدون تخويف هؤلاء المصلين وترويعهم وصدهم عن سبيل الله وعن الصلاة.
• لم يتخيل أحد أن يبلغ الجنون والسفه والحمق والانحطاط بهؤلاء أن يقتربوا بالأذى من مسجد النبى، ومن النبى نفسه، فإن إيذاء النبى حيا كإيذائه ميتا.
• ألم يقرأ أحد هؤلاء يوما «لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَبِى»، فلا صوت يعلو فوق صوته، ولا شريعة تعلو على شريعته، ولا فكر أو مذهب ترتفع على كتاب الله وسنة رسوله، وهؤلاء لا يرفعون أصواتهم فوق صوت النبى، ولكنهم يزعجونه بتفجيراتهم ويؤذونه بتصرفاتهم، ويبغضون الناس فى دين الله، ويصدونهم عن سبيله.
• هؤلاء لم يقرأوا يوما قوله تعالى «إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَسُولَ فَقَدِمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَة»، ويقدموا بين زيارتهم لقبره طاعات وقربات ولكن هؤلاء يقدمون بين يدى قربهم من الرسول «ص» متفجرات ودماء وأشلاء ومصائب سوداء، ألا يدرك هؤلاء أن من يفعل ذلك يعد ساخرا من مقام النبوة؟
• عذرا رسول الله، عذرا يا سيدى، فهؤلاء لم يقدرونك قدرك ولم يحترموا مسجدك، ولم يصونوا رسالتك، فجاروا على أمن مرقدك، وعاثوا فى حرمك فسادا، الله يقول عن المسجد الحرام «وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِنا» وهذا ليس خاصا بالمسجد الحرام، ولكن لكل مسجد حظ من هذه الآية العظيمة التى هى «أمر فى صورة الخبر» معناها أمنوا من يدخل المسجد الحرام، أمنوا من يدخل مساجد الله، أمنوا من يدخل مسجد النبى، ولكن هؤلاء الحمقى الجهلاء يزرعون الفزع فى المساجد وفى قلوب الصالحين.
• هل هناك عاقل يفزع ضيوف رسول الله، ويزرع الخوف فى ضيوف الرحمن، وفى بيوت الله سبحانه.
• من ذا الذى يبارز الله بهذا الجرم العظيم، إن الحرامية العاديين يأبون السرقة من المساجد خوفا من غضب الله عليهم لأن فيهم مسحة من عقل وتدبر.
• هؤلاء الحمقى لم يتدبروا قوله تعالى «وَطَهِرْ بَيْتِيَ لِلطَائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُكَعِ السُجُودِ» وإذا كان للمسجد الحرام الحظ الأكبر من ذلك فللمسجد النبوى وكل مساجد الأرض حظ منها كذلك.
• وهؤلاء يفزعون المعتكفين فى أطهر بقعة وفى أعظم أيام الله فى العشر الأواخر من رمضان، ويريدون قتلهم وتدمير ثانى الحرمين، زرع الخوف فى قلوبهم، هؤلاء لم يتدبروا يوما حديث رسول الله«من أخاف أهل المدينة فقد أخافنى «ولم يعيشوا يوما مع حديث الرسول «صلى الله عليه وسلم» عن المدينة المنورة «من أراد هذه البلدة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح فى الماء» وهؤلاء سيذوبون ويندثرون ويطاردون فى كل مكان وسيكونون أشبه بالأجرب يطارده الناس ويفرون منه فى كل مكان.
• هؤلاء بدلا من أن يسلموا على النبى تسليما ويصافحوا بقلوبهم سيرة وزيريه أبى بكر وعمر إذا بهم يبغونها عوجا ويريدونها تفجيرا ودماء.
• لقد بكى الشيخ د/سيد طنطاوى وهو يغادر المدينة المنورة بعد سنوات من بعثته للتدريس فى الجامعة الإسلامية بالمدينة، لقد كان يريد البقاء هناك والموت إلى جوار نبيه وحبيبه، ولكن ماذا يفعل وقد انتهت البعثة و«ما باليد حيلة»، فزار النبى الكريم ومضى إلى مصر، ولكن الله علم ما فى قلبه، فأعاده فى الثمانين من عمره وهو شيخ للأزهر ليحضر مؤتمرا فى المدينة وقبل ركوب الطائرة بدقائق مات هناك ليدفن إلى جوار حبيبه النبى فى البقيع، فى قبر سعد بن معاذ «رضى الله عنه».
• إنها قلوب تسير إلى الله، فالناس لا تسير إلى الله بأبدانها وأشكالها ولكن بقلوبها، وهؤلاء الذين يفجرون لا قلب لهم ولا عقل ولا فكر ولا رأى، ولكن فجور وغباء وصلف وغرور، وما داموا قد استهانوا بمقام النبوة فستكون نهايتهم أليمة.