الانتخابات التشريعية القادمة.. ميلاد جديد للثورة أم نهايتها؟
مصطفى كامل السيد
آخر تحديث:
الإثنين 8 أغسطس 2011 - 9:07 ص
بتوقيت القاهرة
على الرغم من أن الأهمية البالغة للانتخابات التشريعية القادمة واضحة وضوح الشمس، فإنه يبدو أن آخر القوى المعنية بها فى مصر فى الوقت الحاضر هى تلك الأحزاب والقوى السياسية التى ترفع راية الدولة المدنية، فالمتتبع للمشهد السياسى فى البلاد من أدناها إلى أقصاها لا يجد علامات على الانشغال بهذه الانتخابات إلا فى صفوف الإسلاميين بصفة عامة والإخوان المسلمين على وجه الخصوص، وهذا فى حد ذاته أمر طيب، ولكن الذى يدعو حقيقة للانزعاج من قلة مظاهر اهتمام تلك القوى التى تدعو إلى الدولة المدنية بمعناها الصحيح هو عدة اعتبارات فى مقدمتها الخشية من عودة مصر مرة أخرى إلى حكم الحزب المسيطر، وثانيتها أهمية المهام التاريخية الملقاة على عاتق مجلسى البرلمان القادمين، وثالثتها القلق على مستقبل الدولة المدنية فى حد ذاتها.
أهمية الانتخابات المقبلة
الانتخابات المقبلة كما هو معروف سوف تنتج برلمانا من مجلسين هو الذى سيختار الجمعية التأسيسية التى ستضع دستور مصر الدائم، وهناك صراع دائر على صفحات الصحف، وعلى شاشات التليفزيون، بل وحتى فى الشوارع والميادين التى شهدت تظاهرات متنوعة خلال الأسابيع الماضية بين من يريدون دستور دولة مدنية تحترم كافة حقوق الإنسان، وبين من يريدونها دولة دينية بحسب تفسيرهم هم لمبادئ الدين، والتى من الواضح أنهم يستبعدون منها الحق فى المساواة بين من يختلفون فى الدين أو النوع و الحق فى حرية الاعتقاد والتعبير والتجمع والتنظيم لكل المواطنين دون تفرقة، كما أنه وعلى ضوء التوقع بأن يحرز الإسلاميون نجاحا كبيرا فى هذه الانتخابات، وهو الأرجح، فإن ضعف وجود القوى السياسية الأخرى يعنى ببساطة أن تقع مصر مرة أخرى ضحية لحزب واحد مسيطر، ولكن بدلا من أن يكون هذا الحزب هو الحزب الوطنى الديمقراطى غير المأسوف على اندثاره من الحياة السياسية، يكون الحزب المسيطر الجديد هو الحرية والعدالة متحالفا مع السلفيين وأصحاب المصالح التى استند إليها الحزب الوطنى فى السابق، والذين سيجدون بالضرورة مكانا لهم من خلال المقاعد المفتوحة للمرشحين الأفراد، وإذا كان جوهر الديمقراطية هو التعددية فإن سيطرة اتجاه واحد على مجلسى البرلمان يعنى، أيا كانت توجهات أصحاب هذا الاتجاه موت الديمقراطية، كما أن حكومة مصر القادمة سوف تتشكل بناء على الأغلبية البرلمانية فى هذه الانتخابات، وفضلا على ذلك فنظرا لأن هذه الانتخابات تسبق انتخابات رئيس الجمهورية، فسوف يجد الرئيس القادم نفسه مقيدا بالأغلبية التى ستخرج من انتخابات مجلسى البرلمان. وأخيرا فإن مستقبل الدولة المدنية فى مصر هو، وبتعبير معتدل للغاية، غير مؤكد فى ظل سيطرة أحزاب هى دينية فى جوهرها حتى ولو نادت بغير ذلك، ولا يعود هذا الحكم عليها إلى عداء للدين، ولكن لأن لكل دين تفسيرات متعددة، ولأننا لا نعرف حتى الآن نموذجا واحدا لنظام حكم يدعى رفع شعار الدين، ويحترم فى نفس الوقت حقوق الإنسان الأساسية، خصوصا أن هؤلاء الداعين إلى دولة إسلامية فى مصر وجد بعضهم مثله الأعلى فى المملكة العربية السعودية، والتى لا يمكن أن يجد فيها أحد أى علامة على الدولة المدنية بما فى ذلك بطبيعة الحال احترام حقوق الإنسان.
هل هناك أمل فى صحوة مدنية
الوقت متأخر بالفعل لاستيقاظ هذه القوى التى ترفع شعار الدولة المدنية، ولأن تستعد للانتخابات القادمة، ولكن باب الأمل ما زال مفتوحا أن تفيق هذه القوى من غفلتها. يمكنها أن تناضل لتغيير قانون الانتخابات الذى يقترحه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ولكن هذا لا يعفيها من التوجه للعمل وسط المواطنين وأن تدرك أن مرحلة ميدان التحرير قد انقضت، وعليها أن تجيد استخدام أدوات المرحلة الجديدة التى تقتضى عملا ميدانيا لإقناع المواطنين بأنها تمتلك رؤية صحيحة لمصالحهم، ويمكنها فى هذا المجال إعادة توظيف أدوات التعبئة التى أجادت استخدامها قبل الثورة من خلال شبكات التواصل الاجتماعى لتأكيد مشاركة واسعة للشباب فى الانتخابات القادمة ولكى يكون هؤلاء الشباب هم عدتها لدعوة المواطنين للاحتشاد وراء أنصار مثل الدولة المدنية فى الانتخابات، كما أنها مدعوة لإقامة التحالفات فيما بينها للتعاون لإنجاح كل من يؤمنون بهذه المثل، وبعبارة مختصرة ما لم تنجح هذه القوى فى مواجهة تحدى الانتخابات المقبلة فسوف يعنى ذلك ببساطة هزيمة ثورة يناير بكل المثل الجميلة التى رفعتها.