مشكلات شبابية

معتز بالله عبد الفتاح
معتز بالله عبد الفتاح

آخر تحديث: الجمعة 9 سبتمبر 2011 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

ألمح عند قطاع من شبابنا بعض مشكلات. أتذكر الآن أننى مررت بها فى مرحلة سابقة فى حياتى. ومن واجبى تجاه إخوانى وأصدقائى أن أتحدث معهم فيها. وأولى هذه المشكلات هذه هو شيوع روح الانهزامية عند بعض الشباب رغما عن أن هذه الفترة ينبغى أن تكون واحدة من أكثر فترات تاريخنا شعورا بالعزة والهمة رغما عن الكثير من السلبيات التى نعيشها.

رصدت فى تعليقات بعض أصدقائى الفيسبوكاويين كلاما أقرب إلى لغة لا أعرف كيف وصلت إليهم بعد أن كانوا جزءا من هذه الثورة التى علمونا فيها أن الاجتهاد من الإنسان والتوفيق من الله.

بلغة يائسة يقول بعضهم: الانتخابات القادمة هى انتخابات معدة سلفا للفلول والإخوان، ولا مكان فيها لغيرهم.

وكان ردى: ما هذه الانهزامية التى أراها فى تعليقات بعض الأصدقاء؟ ما معنى أن يفوز فى الانتخابات الفلول والإخوان؟ هل معنى هذا أنه لن يفوز أى شخص آخر فى الانتخابات إلا إذا كانوا من الإخوان أو الفلول؟ لو كانوا جادين وحضراتكم متقاعسين إذن حقهم أن يفوزوا! ولو اجتهدتم ولم تنجحوا فيكفيكم شرف المحاولة وستتعلمون مهارات تساعدكم فى الانتخابات اللاحقة. الناجح فى حياته لا يدخل معركة أو محاولة ويبدؤها وهو يفكر أنه لا محالة مهزوم. إذن سيُهزم. ابدأ منتصرا فى عقلك، مجتهدا بطاقتك، متوكلا على ربك، مستعينا بأهلك وأصدقائك، واعمل ما تستطيعه. هذه الانهزامية قاتلة. وعند هؤلاء قطعا لن نحقق أى إنجاز فى حياتنا لأن هناك قوى إمبريالية معادية ضدنا. ولن نفوز فى أى مبارة كرة قدم لأن التحكيم يضطهدنا. وأى شاب لن يتزوج البنت التى يحبها لأنها قطعا ستتزوج ابن خالها. سبحان الله.

الناجحون لو عندهم هذه الروح الانهزامية لما حققوا أى شىء فى حياتهم. أى شخص انهزامى لن يرى حلا لأى مشكلة، وإنما دائما مشكل فى كل حل. لو تحدثت معه ستجده يستخدم المفردات التى تبرر له تراخيه عن العمل. سيقول لك: «مكتب التنسيق هو الذى اختار لى كليتى،» هذا ليس صحيحا تماما. ولكن الأصح: «أنا لم أجتهد بالقدر الكافى فحصلت على مجموع ضيّق من البدائل المتاحة أمامى، فبسبب عدم اجتهادى قبلت ما كان متاحا». يقول أحدنا: «القطار فاتنى». وهذا غير صحيح تماما لأنه من غير المنطقى أن تقول إن القطار هو الذى فاتك، وإنما أنت وصلت متأخرا، وتحرك القطار فى موعده، ولهذا أنا تأخرت.

البعض يقول: «حظ». ولكن الحظ ينحاز للمجتهدين والدءوبين. هل لو كان هناك فرصة عمل لشخص يجيد اللغة الروسية، وحصل عليها من بيننا شخص. هل هو حصل عليها لأنه محظوظ أم لأنه كان الأكثر استعدادا بيننا للاستفادة منها. هناك مؤسسات وشركات قد تعتمد على الواسطة فى نصف من يعملون فيها، ولكن النصف الآخر سيكون بالكفاءة. علينا مكافحة الواسطة والانحيازات الشخصية، ولا بد أن يكون التعيين فى كل المناصب العامة والخاصة عبر امتحانات تحريرية وشفوية من قبل مُمتحِنين خارجيين، ولكن حتى يحدث هذا، فلا مجال للتقاعس. الحظ هو نقطة التقاء الفرصة مع الاستعداد، كن مستعدا دائما، لأننا لا نعرف متى ستأتى الفرصة.

«لا يقعدن أحدكم ويقول ارزقنى، وقد علمت أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، ولكن الله يرزق الناس بعضهم من بعض» كما قال ابن الخطاب. وكما قال نابليون بونابورت: «إذا لم تكن تعرف، تعلم. وإذا وجدت أمرا ما صعبا، حاول. وإن وجدته مستحيلا، حاول مرة أخرى إلى أن تنجح».

علينا أن نناضل فى حدود ما هو متاح مهما كانت العقبات. والله المستعان والموفق للمجتهدين والساعين بفضله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved