جبايات المستشفيات والمدارس
عمرو هاشم ربيع
آخر تحديث:
الخميس 8 سبتمبر 2022 - 6:50 م
بتوقيت القاهرة
ما زال حال المستشفيات العامة والمدارس الحكومية فى مصر كارثيا من حيث الاحتياجات المالية المخصصة للإنفاق عليها. المؤكد أن الزيادة السكانية مع عدم استغلالها الاستغلال الأمثل، وكذلك المصاعب الاقتصادية التى فاقمت منها أزمة كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية، هى السبب المهم فيما وصلت إليه حال مستشفياتنا العامة ومدارسنا الحكومية.
فى المستشفيات العامة هناك جبايات تُفرض على المرضى، إذ لا يستطيع الكثير منهم دفع ما يُطلب منهم من نفقات نظير إتمام العلاج. هناك طلبات صريحة أصبحت تُطلب من ذوى المرضى بلا أى خجل، فالمطلوب من ذوى المرضى إحضار دم وعلاج ومحاليل وألبسة طبية، وقد وصل الأمر إلى حد طلب ما هو أرخص من ذلك بكثير مثل شاش وقطن وسرنجات وخلافه. والغريب أنه كان من المعتاد أن يحدث كل ذلك فى معظم المستشفيات العامة فى الريف، اليوم أصبحت تلك العادة منتشرة أيضا فى مستشفيات الحضر.
أمس حكى ذوو مريض بمستشفى زفتى العام أنهم عانوا منذ أيام قليلة الأمرين لعلاج والدهم المصاب بجلطة بالمخ، فلا يوجد بالمستشفى بطولها وعرضها جراح واحد للأوعية الدموية أو للمخ والأعصاب. أما القسطرة والسرنجات والبلازما والقفازات الطبية والحفاضات، فتم شراؤها من الخارج، كما قام ذوو المريض بنقله من المستشفى لعمل أشعة مقطعية بالصبغة على المخ ثم إرجاعه بعد ساعتين!!!.
وبالانتقال إلى المدارس الحكومية، فيبدأ كل عام ونحن على أعتاب دخول المدارس، أى خلال شهرى أغسطس وسبتمبر، موسم التبرعات بآلاف الجنيهات مقابل قبول التلاميذ فى الروضة أو المحولين. والغرض المعلن هو تجديد المعامل والفصول وتنظيف ودهان المدارس. فى إحدى المدراس بمدينة نصر، طُلب منذ ثلاثة أيام من صديق أن يدفع مبلغ ألفى جنيه بعد أن قبل ابنه فى تنسيق الالتحاق بفصول المدارس التجريبية بقسم رياض الأطفال، ولما أشار الصديق لعجزه عن دفع المبلغ، راجيا أن تكون المعاونة عينية وليست مادية، خوفا من أن تتحول تلك المبالغ إلى رشى لا تستفيد منها المدارس، أو خوفا من أن تتحول تلك المبالغ للإنفاق على الخاصة دون العامة بالمدرسة كالتكييفات الموجودة فى غرفة المدير كما قال، مقابل عدم وجود حتى مروحة فى الفصول وحجرات المدرسين، فوجئ ولى الأمر بطلب غريب كبديل عن المقابل المادى، وهو إحضار 50 مقشة ومثلهم «جردل مسح» ومساحات بلاط، أو عبوات كبيرة من الدهانات والبويات.
كل ما سبق من شكاوى هى مجرد عينة من العديد من الأوضاع التى تعانى منها وزارتا الصحة والتعليم التى مرد كل من يحتاج إلى خدمة صحية أو تعليمية من غير القادرين على معاناة الأمرين.
فى هذا الصدد، يتحتم التأكيد على ما نصت عليه المادة 18 من دستور 2012 المعدل، بالإشارة إلى أن «تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية». وكذلك ما تناولت المادة 19 من أن «تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وكذلك المادة 21 التى تنص على أن «تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم الجامعى لا تقل عن 2% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية».
المؤكد أن هناك شكاوى كثيرة يشير جميعها على عدم التزام الحكومة بتلك المخصصات فى الموازنات المختلفة، منذ أن سنت تلك المواد فى دستور 2014 المعدل لدستور 2012، الأمر الذى يجعل هناك ضرورة لتقنين تلك النسب، التى إذ ما قررت عندما تقررت، وزادت حتى الوصول للمعدلات العالمية لكان الوضع الصحى والتعليمى العام فى مصر مختلفا بالكلية عن الوضع الراهن.
واحد من الأمور المهمة لجلب إنفاق معتبر على الشأنين الصحى العام والتعليم الحكومى، هو الاهتمام بما قررته الدولة منذ بضع سنوات بالأقسام الاقتصادية فى المستشفيات العامة، وهى التى يقوم المريض خلالها بسداد جزء من المبالغ المخصصة للعلاج بشكل يقل بكثير عن المستشفيات الخاصة، وكذلك اهتمام وزارة التعليم بفصول التقوية، والتى يقوم من خلالها الطلبة بالمشاركة فى تلقى الدروس مرة أخرى بأسعار بسيطة، وذلك بعيدًا عن أنظمة السناتر أو الدروس الخصوصية باهظة التكاليف.
كل تلك المبالغ إذا ما صب عائدها فى خانة العلاج المجانى الكامل أو التعليم الحكومى الرسمى، لساهم ذلك إلى جانب التمسك بتنفيذ الدستور فيما يخص مخصصات الصحة والتعليم العام ما قبل الجامعى والجامعى.