حصالة الغضب
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الإثنين 8 نوفمبر 2010 - 11:13 ص
بتوقيت القاهرة
تناقلت الأسبوع الماضى الصحف الفرنسية أخبار واقعة عائلية بطلاها زوجان فى خريف حياتهما. آن مارى دوفال فى السابعة والأربعين من عمرها وجان فيليب زافييه فى الحادية والخمسين زوجان تبدو أحوالهما الزوجية هادئة مرضية هى مهندسة تخطيط مدنا وهو محام ولم يرزقا بأطفال.
لم تكن بآن مارى رغبة فى تناول العشاء حينما هاتف جان محل البيتزا القريب وطلب بيتزا لعشائه وأوصى بأن يضاف إليها الأنشوجة والزيتون والبصل واستعد الاثنان لمشاهدة فيلم يعرضه التليفزيون فى عطلة نهاية الأسبوع. حضرت البيتزا التى فيما يبدو أثارت رائحتها الشهية رغبة آن مارى فى تناولها طلبت من زوجها الذى بدأ فى التهامها على عجل ليتفرغ لمشاهدة الفيلم قطعة فلم يلتفت لها.
كررت طلبها فرفض لأنه كان فى مقدورها أن تطلب لنفسها فلماذا لم تفعل؟ تطور النقاش بينهما إلى شجار ثم إلى معركة طعنها فيها بالسكين فى رقبتها بينما غرست هى الشوكة خلف أذنه وكسرت نظارته الطبية.
حملت سيارة إسعاف واحدة الزوجين إلى المستشفى بعد أن استدعاها الجيران وهم فى حالة من الدهشة والذهول وكل يسأل هل من الممكن أن يتفجر هذا العنف بين زوجين لمثل هذا السبب التافه؟ وهل أى منهما عرضة لأن يبلغ غضبه تلك الذروة فى لحظات فيستبد به ليلغى عقله تماما فلا يدرك عواقب ما يفعله؟
الواقع أن الإنسان فى أى مكان على الأرض يجب أن يتنبه لما تفعله به الضغوط المختلفة التى يتعرض لها على مدار اليوم. عدد المرات التى يردد فيها نعم وهو يتمنى فى أعماقه لو كان قادرا على أن يصرخ لا. وظيفته التى يكرهها ولا يجد فرصة أخرى لوظيفة يحبها. خلافه مع من حوله الذى يؤجل مناقشته دائما إلى أجل غير مسمى. بقايا التذكارات المرة وتجارب الفشل والفرص الضائعة والآمال المجهضة.
مراقبة الآخرين وتصيد أخبارهم، نسيان ما لدينا وحسد الآخرين على ما لديهم وتمنى زوال النعمة عنهم. كلها ضغوط نفسية تبدو كمستصغر الشرر إذا طالت الهشيم.. محاولة فهم تلك الضغوط ودوافعها بصدق يمكننا من التخلص منها قبل أن تتراكم فى غفلة منا.
تراكم تلك الضغوط النفسية يبدو كمن يدخر فى حصالة كل ما تطاله يده من عملات معدنية على اختلاف قيمتها فإذا امتلأت الحصالة صارت كالقنبلة الموقوتة التى لا تحتاج لمن ينزع فتيلها.