الكتب الأكثر تأثيرًا فى العشرين سنة الأخيرة
قضايا تعليمية
آخر تحديث:
الخميس 8 نوفمبر 2018 - 9:40 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع The Chronicle of Higher Education، المتخصص فى القضايا التعليمية، تقريرا حول أكثر الكتب تأثيرا فى العشرين سنة الماضية، حيث يعرض التقرير وجهات نظر الأكاديميين حول ما يعتبرونه من أكثر الكتب تأثيرا فى جميع المجالات المختلفة.
فى كل عام، ينشر أكثر من 15000 كتاب أكاديمى فى أمريكا الشمالية. ولكن هناك القليل من هذه الكتب التى سوف تصل إلى الجمهور المتخصص ــ الأكاديميين ــ فى فروع المعرفة المختلفة. وهناك الأقل من هذه الكتب التى سوف يهتم بها المواطن العادى.
لقد تم دعوة جميع الباحثين فى الأكاديمية ليخبرونا عن الكتاب الذى يعتبرونه الأكثر نفوذا وتأثيرا والمنشور فى خلال العشرين سنة الأخيرة ــ من الجدير بالذكر أن البعض قام بتحديد كتب خارج الإطار الزمنى المحدد بقليل ــ وطلبنا منهم اختيار الكتب الأكاديمية أو غير الأكاديمية، ولكن بشرط أن تكون مكتوبة من قبل باحثين (من داخل أو خارج المجالات التى ينتمون إليها). وكان الأمر متروكا لهم لتحديد ما يعتبرونه من الكتب المؤثرة مع توضيح تفسير سبب اختيارهم لهذه الكتب. وسوف يقوم التقرير باستعراض أهم هذه الكتب.
من أجل عالم أفضل:
قال البروفسير «باول بلوم» ــ أستاذ علم النفس بجامعة ييل ــ إنه لكى يؤخذ على محمل الجد «الكتاب الأكثر تأثيرا» الذى كتبه أكاديمى، يجب أن يحول العمل إلى طريقة يستطيع العديد من الأفراد العاديين فهمه، كما يجب أن يكون له نفوذ يتجاوز الدائرة الضيقة من الباحثين، حتى يستطيع الكتاب أن يدخل حيز المنافسة.
يرى البروفسير باول أن كتاب ستيفن بينكر بعنوان Better Angels of Our Nature: Why Violence Has Declined»، الذى نشر فى عام 2011 من أكثر الكتب تأثيرا. لقد حقق هذا الكتاب أفضل مبيعات، وتمت مناقشته وانتقاده من قبل العديد من الباحثين والمثقفين. ففى هذا الكتاب يرى الكاتب أن معدل العنف ــ فى المدى القصير والطويل ــ فى تناقص، وأن العالم يتحسن. ويضيف أن هذا الكاتب لم يكن أول من قدم هذه الحجة ولكنه قدم حالات أكثر إقناعا، حيث دعم حجته بنظريات نفسية واجتماعية، ويؤكد أن مقاربة علم النفس التطورى للعقل يمكن أن تعطينا رؤية أكبر حول كيفية تغير المجتمعات بمرور الوقت. ولقد غيَّر هذا الكتاب العديد من الأشخاص، بمن فيهم الباحثون، الذين يفكرون فى التقدم والتغيير والطبيعة البشرية.
كيف ينهار المجتمع المدنى؟
أشار البروفسيور إيريك كلينينبرج ــ أستاذ علم الاجتماع بجامعة نيويورك ــ إلى كتاب «Bowling Alone: The Collapse and Revival of American Community، لعالم السياسة الأمريكى «روبرت بوتنام» والمنشور عام 2000. تحدث الكاتب فيه عن الحياة المدنية والتماسك الاجتماعى فى أمريكا ما بعد الحرب. أثار هذا الكتاب جدلا فى الأوساط الأكاديمية.
يرى الكاتب أن الدول الديمقراطية والمجتمع الأمريكى عل وجه التحديد يعانيان من تدهور هائل فى «رأس المال الاجتماعى»، والذى يعنى العلاقة بين الأفراد داخل المجتمع. ويدعم الكاتب حجته بالبيانات التجريبية. أوضح أن معدلات المشاركة فى المنظمات الطوعية، وإقبال الناخبين، والاحتجاجات، وغيرها من أشكال الحياة الجماعية الأخرى تنخفض، والسبب فى ذلك ــ من وجهة نظره ــ هو تغييرات الأجيال وصعود ثقافة التلفزيون جعل العديد من الأمريكيين ينسحبون من المجال العام. وتوصل بوتنام إلى أن الشبكات الاجتماعية القوية ضرورية للصحة والسعادة والتعليم والازدهار والديمقراطية. وأن العلاقات التى نخلقها مع الأصدقاء والجيران وزملاء العمل تساعد فى إقامة روابط قوية من التضامن والاحترام المتبادل. عندما يتم قطع أو إضعاف علاقاتنا غير الرسمية، فمن المرجح أن ننمو بشكل منعزل وتسود حالة من الاستقطاب داخل المجتمع.
وانتقد العديد من الباحثين هذا الكتاب حيث يرون أن المشاركة المدنية والسياسية لم تتقلص بقدر ما تغيرت وتحولت إلى أشكال جديدة، كما يعتقد آخرون أن بوتنام قلل من تأثير التغييرات الأخرى مثل: زيادة ساعات العمل، صعود النساء فى القوى العاملة والثقافة الفردية على حياة المجتمع الأمريكى. ومع أن هذا الكتاب نشر منذ أكثر من عقد، يبقى هذا الكتاب نقطة مرجعية أساسية فى المناقشات حول الدولة ومصير المجتمع المدنى الأمريكى.
تحول وجهة نظرنا من السجن:
أما فى مجال القانون، أشار البروفسيور «ينيل جوزيف» ــ أستاذ الشئون العامة ــ إلى كتاب «The New Jim Crow: Mass Incarceration in the Age of Colorblindness للباحثة القانونية ميشيل ألكسندر والذى نشر عام 2010. قام هذا الكتاب بوضع مسألة الحبس الجماعى فى قلب المناقشات السياسة الأمريكية. من خلال دمج الدراسات القانونية والتاريخ، توضح ألكساندر كيف أن مجمع السجون الصناعى فى أمريكا أحدث فصل جديد فى تاريخ البلاد العنصرى المأساوى. ومن الجدير بالذكر أن هذا الكتاب خاطب العلماء وكذلك الجمهور العادى، فضلا عن أنه أثار جدلا كبيرا. ومن أهم إسهامات هذا الكتاب توضيح المفاهيم التقليدية لحقوق المدعى عليهم، واستعدادات المدعين العامين لحبس الأبرياء، وفشل نشطاء الحقوق المدنية وحقوق الإنسان فى تنظيم كارثة التدافع الجماعى، وعدم قدرة المؤسسات الديمقراطية على حماية المواطنين الأمريكيين من نظام قضائى يتمتع فيه الأغنياء والمذنبون بفرصة أفضل للحرية عن الفقراء والأبرياء.
كيف أصبحنا سلعا؟
يقول جاكسن ليرز ــ أستاذ التاريخ ــ: إن أهم تطور فى العقدين الماضيين هو الاعتراف بأن الرأسمالية لها تاريخ، وأن المؤرخين يستطيعون كتابتها. وهذا يشكل تحديا رئيسيا لافتراض أن الرأسمالية هى نتيجة لعملية تكنولوجية لا مفر منها. المتوقع فى مجال التأريخ هو أنه يعقد نظريات الخاصة بالقوة البشرية والخيار الأخلاقى. من خلال إظهار كيف أن الأشخاص الذين يكرهون اقتصاد المال يتورطون فى ضروراته الحتمية، وكيف أن مفاهيم الذات والمسئولية الشخصية ــ لما يعنيه أن يكون الإنسان ــ يتم تسليعها فى عبارات مألوفة مثل «الموارد البشرية» و«أسواق العمل»، وهذا النوع من التاريخ لا يمكن اختزاله أبدا للأخيار والأشرار.
ومن الكتاب الذين استطاعوا تأريخ الرأسمالية «جون ليفى» من خلال كتاب «Freaks of Fortune: the Emerging World of Capitalism and Risk in Modern America، الذى نشر عام 2014، تناول ليفى فى كتابه تاريخ الولايات المتحدة فى القرن التاسع عشر، وكيفية تحول البلاد من مجتمع السوق الزراعية إلى دولة صناعية حديثة، كما ألقى ضوءا غير مسبوق على ثقافة الرأسمالية الأمريكية والعالمية.
الهجوم على الجسد الأسود:
اعتبرت نويليلى روكز ــ أستاذة فى الدراسات الإفريقية والدراسات النسوية والنوع الاجتماعى بجامعة كورنيل ــ أن كتاب « Killing the Black Body: Race، Reproduction، and the Meaning of Liberty» للكاتبة دوروثى روبرت ــ أستاذة القانون وعلم الاجتماع ــ والذى نشر عام 1997 من أكثر الكتب تأثيرا فى العقدين الأخيريين. فمن الجدير بالذكر أن هذا الكتاب يركز على قضايا الأمومة والحقوق الإنجابية من خلال تسليط الضوء على النساء الفقيرات اللواتى يقعن فى مركز حوار ثقافى متعدد الجوانب، كما توضح كيف ولماذا أدى الذعر الاجتماعى والمعتقدات الثقافية والسياسات الحكومية إلى التعقيم القسرى للنساء السود باسم السلامة العامة، وفصل الأطفال السود قسرا عن عائلاتهم باسم الأمن القومى.
نموذج المستقبل:
اعتبرت أميتافا كومار ــ أستاذة اللغة الإنجليزية بكلية فاسار ــ كتاب The Argonauts للكاتبة ماجى نيلسون من أكثر الكتب تأثيرا خلال العشرين سنة الماضية والمنشور عام 2016. هذا الكتاب هو رمز للتغيير الذى ظل قيد التنفيذ منذ وقت طويل فى الكتابات الأكاديمية. إنه يمثل البحث الناجح عن شكل ملائم لخلط النظرية النقدية بالخبرة الشخصية. إن نيلسون التى تعيد التفكير الذاتى إلى ما لا نهاية. ومن ثم تحقق شكلا هجينا يجعل من الشفافية كيفية ربط اللغة والعقل والهيئات، ناهيك عن الأجسام التى تمر بمرحلة انتقالية.
سيكون هذا الكتاب نموذجا للكثير من الكتابة التى سنراها فى الدراسات الأدبية والدراسات النسوية والدراسات الغريبة وغيرها من المجالات. لقد اختارت نيلسون الخروج، ولكن إذا فكر المرء بكتاب آخرين، مثل كلوديا رانكين وفريد موتين، يصبح من الواضح أننا نتحدث هنا عن تحول جماعى، شىء يشبه الثورة.
إعداد: زينب حسنى عزالدين
النص الأصلى:
الاقتباس:
تم دعوة جميع الباحثين فى الأكاديمية ليخبرونا عن الكتاب الذى يعتبرونه الأكثر نفوذا وتأثيرا والمنشور فى خلال العشرين سنة الأخيرة ــ من الجدير بالذكر أن البعض قام بتحديد كتب خارج الإطار الزمنى المحدد بقليلــ، وطلبنا منهم اختيار الكتب ــ الأكاديمية أو غير الأكاديمية.