أزمة الديمقراطية الليبرالية.. وكيفية تجاوزها

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: الأحد 8 ديسمبر 2024 - 6:25 م بتوقيت القاهرة



نشرت صحيفة ذا واشنطن بوست مقالا لمحلل الشئون الخارجية، فريد زكريا، رأى فيه أن السبب وراء تدهور الديمقراطية الليبرالية فى دول مثل كوريا الجنوبية (إعلان رئيسها الأحكام العرفية قبل تراجعه)، وفرنسا (إسقاط حكومة ماكرون بسبب اتخاذها قرارات دون موافقة البرلمان)، أو حتى الولايات المتحدة (عفو بايدن عن ابنه/تعيين ترامب موالين له فى إدارته المقبلة) هو عدم احترام هؤلاء القادة للعملية الديمقراطية فى بلدانهم لمجرد أن نتائجها لا تعجبهم. أكد زكريا أن الحفاظ على الديمقراطية لا يتم إلا باحترام مؤسساتها وما ينتج عنها حتى عندما لا نحصل على ما نريد... نعرض من المقال ما يلى:
بدأ فريد زكريا مقاله مشيرا إلى حدثين حفل بهما الأسبوع الماضى فى دولتين تتبنيان الديمقراطية الليبرالية؛ كوريا الجنوبية وفرنسا. فقد أعلن رئيس كوريا الجنوبية فرض الأحكام العرفية فى بلاده، لكن البرلمان رفض هذا القرار، والآن تُتخذ خطوات لعزله. أما فى فرنسا، تلقى رئيس الوزراء وحكومته تصويتا بحجب الثقة للمرة الأولى منذ أكثر من ستين عاما. هذه الأحداث التى تبدو متباينة تشترك فى موضوع أساسى واحد وهو وجود أزمة فى المؤسسات الديمقراطية.
كوريا الجنوبية عصفت بها الاستقطابات العميقة والمعارك السياسية الشرسة، إذ الخلفية وراء إعلان الرئيس، يون سوك يول، عن الأحكام العرفية هى عامين ونصف العام من الجمود بين المعارضة الليبرالية والرئيس المحافظ، فقد اتهمته المعارضة باستخدام سلطات الحكومة لمهاجمة خصومه ووسائل الإعلام، وفى الجهة المقابلة اتهم الرئيس يون سوك يول المعارضة بإساءة استخدام سلطاتها من خلال محاولة عزل أعضاء إدارته. ومن المرجح أن تنتهى هذه الخصومة بعزل الرئيس.
فى فرنسا، يحاول الرئيس إيمانويل ماكرون منذ سنوات الدفع بإصلاحات أثار العديد منها معارضة شديدة. بعبارة أوضح، لم يكن بإمكانه إقرار رفع سن التقاعد الحكومى، إلا من خلال إجراء نادر الاستخدام، أى تمرير القرار دون الحاجة إلى موافقة البرلمان، مقابل إعطاء الأخير الحق فى سحب الثقة من الحكومة. وفى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تم تدمير حزبه السياسى الوسطي، والآن يهيمن اليمين واليسار المتطرفان على السلطة التشريعية، وتآمرا لإسقاط رئيس الوزراء.
يضيف زكريا: المشكلة المشتركة بين كوريا الجنوبية وفرنسا هى أن الديمقراطية الليبرالية بالبلدين كانت مدعومة بالأساس بالمؤسسات والإجراءات، إلا أن حكم (يون سوك يول، وماكرون) اعتمد على أهواء الشخصين فتحول إلى حكم الفرد الواحد.
دوما كانت الديمقراطية الليبرالية تتميز بتأكيدها على ضرورة الالتزام بالإجراءات وليس النتائج، ضرورة احترام العملية الدمقراطية حتى عندما لا نحب النتيجة، أما السعى إلى الحصول بسرعة على ما نريد، حتى على حساب الإجراءات وتقويض المؤسسات، فهو أمر خطير للغاية. وهذا بالفعل ما يحدث عندما يعين ترامب لرئاسة الإدارات الرئيسية فى حكومته أعضاء موالين له لدرجة العبودية. وهو ما حدث أيضا عندما عفا جو بايدن عن ابنه بعد أن وعد الشعب الأمريكى بأنه لن يتدخل فى عمل نظام العدالة.
باختصار، إذا تخلينا، بسبب إحباطنا من مشاكلنا الحالية العابرة، عن المؤسسات الدائمة التى بنت الديمقراطية الليبرالية، فإننا سنخسر الديمقراطية أحد أهم إنجازات البشرية فى التاريخ الحديث.
أشار زكريا إلى أن جائزة نوبل فى الاقتصاد لهذا العام ذهبت إلى علماء طرحوا أسئلة بسيطة: لماذا تفشل أغلب البلدان فى أن تصبح غنية وناجحة؟ وما الذى يفسر نجاح القليل من البلدان؟ كانت إجابتهم: المؤسسات القوية. فقد نجحت بعض البلدان التى تحررت من براثن الفقر والحكم السيئ فى إنشاء مؤسسات وإجراءات جيدة وعادلة تتجاوز قدرات أى فرد. وهذا يفسر لماذا أصبحت سويسرا، التى لا تطل على البحر وتعانى من الفقر الشديد فى الموارد، واحدة من أغنى بلدان العالم، فى حين تغرق بلدان أخرى لا تطل على البحر وتعانى من الفقر الشديد فى الخلل الوظيفى. وهذا هو السبب وراء حصول سنغافورة، تلك البقعة الرملية المستنقعية فى جنوب شرق آسيا، الآن على أحد أعلى متوسطات الدخول فى العالم.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف
النص الأصلى:
https://bitly.cx/q0fc0

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved