جريمة حرب فى اليمن
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
السبت 9 يناير 2016 - 11:15 م
بتوقيت القاهرة
فى بيان لمكتب الأمين العام للأمم المتحدة صدر يوم الجمعة الماضى، حذر الأمين العام من أن استخدام القنابل العنقودية فى الحرب الدائرة فى اليمن قد يمثل جريمة من جرائم الحرب. وأشار البيان إلى أن الأمين العام اطلع على «تقارير مقلقة» لفريق المفوضية الأممية لحقوق الإنسان العامل فى اليمن بشأن استخدام القنابل العنقودية فى غارات جوية تعرضت لها العاصمة صنعاء فى 6 يناير الحالى.
وفى المؤتمر الصحفى الذى أعقب إصدار البيان، عبر المتحدث باسم الأمين العام عن قلق الأمم المتحدة بسبب الغارات المكثفة على مناطق مأهولة بالسكان فى صنعاء وعلى منشآت غير عسكرية، وبسبب دلائل استخدام القنابل العنقودية. وعندما سئل الرجل عن هوية الأطراف التى تورطت فى استخدام القنابل العنقودية، رد إن «التحالف الذى تقوده السعودية هو الذى يستخدم الطائرات» فى الحرب الدائرة فى اليمن. ودعا الحكومة اليمنية فى المنفى، حكومة الرئيس عبدربه منصور هادى إلى إلغاء قرارها باعتبار المسئول الأول فى فريق المفوضية الأممية لحقوق الإنسان فى اليمن (جورج أبو الزلف) شخصا غير مرغوب فيه.
ولأن بيان مكتب الأمين العام للأمم المتحدة يتهم السعودية ومعها حكومات دول الخليج الأخرى التى تشارك فى الحرب على اليمن باستخدام القنابل العنقودية المحرمة دوليا، تجاهله العدد الأكبر من وسائل الإعلام العربية التى تسيطر عليها إما حكومات الخليج أو أمواله. ففى تجاهل جرائم الحرب فى اليمن يستوى الجميع؛ الصحف الصادرة فى السعودية مع الصحف الصادرة فى قطر، الصحف الممولة سعوديا وإماراتيا مع الصحف الممولة قطريا، قناة العربية مع قناة الجزيرة. ثم تصل المعايير المزدوجة إلى أقصى مداها، حين يجد المتابع للإعلام العربى تغطية شاملة ومطلوبة لدلائل استخدام روسيا للقنابل العنقودية فى غاراتها الجوية على مدن وبلدات سورية ويطالع توصيفا دقيقا لجرائم الحرب الناجمة عن استخدام مثل هذه القنابل خاصة المناطق المأهولة بالسكان، بينما تغيب التغطية عن القنابل الملقاة على رؤوس السكان فى اليمن ويتواطأ الإعلام لفرض الصمت على جرائم القتل والدمار. تماما كما يغطى الإعلام العربى مأساة مضايا السورية التى تحولت إلى معسكر مفتوح للقتل الجماعى وإلى دليل إدانة إضافى للديكتاتور الأسد، بينما يتجاهل الكوارث الإنسانية التى تسببها الحرب فى تعز اليمنية وغيرها من المدن والمناطق.
منذ بدأت السعودية وحلفاؤها الحرب على اليمن، والتى تتحمل مسئولية نشوبها أيضا إيران بتدخلاتها المستمرة فى السياسة الداخلية اليمنية وباستعدادها لحروب بالوكالة لاستنزاف القوى الإقليمية المناوئة لها فى الشرق الأوسط، وقائمة ضحايا الحرب فى استطالة مستمرة إلى أن اقتربت اليوم من 6000 قتيل ومن 27000 جريح. منذ بدأت الحرب، وحقيقة الدمار والخراب الذى تلحقه باليمن لا تنافسها فى جلائها سوى حقيقة أن هذه حرب لن تأتى بمنتصرين متألقين أو مهزومين مدحورين. هذه حرب عبثية يعانى من ويلاتها الشعب اليمنى الذى لن ينسى لجواره العربى المعايير المزدوجة والتواطؤ، كما لن ينسى لجامعة الدول العربية صمت القبور التى هى عليه منذ بدأت الحرب. هذه حرب عبثية تتراكم جرائمها، وحتما لن يتأخر حساب المتورطين. هذه حرب عبثية يخسر فيها الجميع، يخسر فيها الطرفان المتصارعان على النفوذ الإقليمى عبر الساحة اليمنية وعبر ساحات عربية أخرى، السعودية وإيران.
هذه حرب عبثية، أوقفوها.