حديقة الحيوان.. تخوفات مشروعة
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 9 يناير 2023 - 7:40 م
بتوقيت القاهرة
تحفل الصفحة الرسمية لحديقة حيوان الجيزة، على موقع «فيسبوك» بعشرات التعليقات من المواطنين، تنطوى على قلق إن لم تكن مخاوف بسبب الحديث الدائر عن تطوير الحديقة وربطها بحديقة الأورمان الشهيرة عبر نفق أرضى أو تليفريك هوائى.. غالبية التعليقات تعبر عن ارتباط حقيقى للمصريين بحديقة يعود تاريخ التفكير فى إنشائها إلى عهد الخديو إسماعيل الذى لم يمهله القدر لرؤية افتتاحها قبل نهاية القرن التاسع عشر، وتحديدا عام 1891.
الحديقة التى سميت «جوهرة التاج لحدائق الحيوان فى أفريقيا» هى واحدة من أعرق أربع حدائق حيوان على مستوى العالم وفق تاريخ النشأة مع حدائق فيينا وباريس ولندن، حيث تعرض الثدييات والطيور والزواحف بأنواعها المختلفة. وحسب موقع الخريطة الرقمية لحديقة حيوان الجيزة، تعد الحديقة معرضا كبيرا للعديد من الآثار التاريخية وبينها الجبلايات الشهيرة.
هذا الصرح الترفيهى هو الأكثر حضورا فى حياة المصريين على مدى أجيال، فلا تذكر الأعياد الدينية والمناسبات القومية إلا وذكرت حديقة حيوان الجيزة معها، خاصة وسط أبناء محافظات القاهرة الكبرى والأماكن القريبة، كما أنه يشد إليها الرحال من المدارس والجامعات من أنحاء الجمهورية لقضاء يوم حافل بالمرح واللهو البرىء، عادة ما يحمل ذكريات لا تمحوها الأيام، وتظل حاضرة فى الذهن مرتبطة ببيت الفيل والزراف، والوقوف عند أقفاص الأسود، قبل المشاغبات المعتادة أمام جبلاية القرود.
هى إذن أكبر من كونها مكانا فسيحا يتجاوز الـ 80 فدانا، يضم بين جنابته عددا من الحيوانات والأشجار النادرة فقط، بل إن حديقة حيوان الجيزة أو «جنينة الحيوانات» كما يطلق عليها، تحولت مع السنين إلى أيقونة مصرية متغلغلة فى الوجدان يصعب أن يحتل مكانها أىٌّ من المتنزهات العامة العديدة، وبالتالى كان بديهيا أن يحظى الحديث عن تطوير الحديقة بكل هذا الاهتمام والخوف المشروع من تغيير معالمها التاريخية بدوافع الربح والتجارة.
الحكومة ــ للأسف ــ تجاهلت إجراء أى حوار مجتمعى بشأن تطوير حديقة الحيوان، وتركت لبعض المسئولين المرتبطين بإدارة الحديقة أو على صلة بتطويرها، الرد على ما تداولته صفحات على مواقع «السوشيال ميديا»، من تساؤلات عن الجهة التى ستقوم بالتطوير وطبيعة هذا التطوير، وحقيقة ضم حديقة الأورمان إليها، قبل أن تخرج وزارة الزراعة، باعتبارها مالكة للحديقتين، ببيان يحمل عددا من الإجابات.
وزارة الزراعة، فى البيان، شددت على «عدم صحة ما تناولته بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية بشأن بيع حديقتى الحيوان والأرومان»، وقالت إنها «أخبار مغلوطة جملة وتفصيلا»، وأن الحديقتين ستظلان تحت ولايتها، كما تحدثت الوزارة عن دوافع التطوير مثل إهمال الحديقة خلال العقود الماضية، وخروجها من التصنيف العالمى لحدائق الحيوان منذ عام 2004، وذكرت أن الجهة المطورة ستقوم بانفاق مليار جنيه مقابل حصولها على حق الانتفاع للحديقتين بمقابل سنوى.
ووسط تساؤلات عن الجهات المشاركة بعمليات التطوير جاء الرد هذه المرة من الدكتور محمد رجائى، رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، الذى قال للزميل السيد علاء (موقع الشروق ــ الأحد 8 يناير 2023) إن شركتين أجنبيتين، ستشاركان فى تطوير حديقة الحيوان بالجيزة، إلى جانب القطاع الخاص المصرى، مشيرا إلى أن الشركتين لا تمثلان دولا بعينها، ولكنهما شركتان عالميتان متخصصتان، فى تصميم الحدائق، وتدريب العمال على التعامل مع الحيوانات.
طبعا لا أحد ضد التطوير، فهذه سنة الحياة، غير أن ما يشغل البال شيئين أولهما التكلفة المادية التى سيتحملها رواد الحديقة مع الشكل الجديد أو الـ«نيولوك»، مع العلم أن أسعار تذاكر الدخول حتى الآن خمسة جنيهات، باستثتاء يوم الثلاثاء (ستون جنيها).
الأمر الثانى إلى أى مدى ستلتزم الجهات المطورة بعدم المساس بما تحتويه الحديقة من أسوار وأقفاص حديدية هى أعمال فنية لا تقدر بثمن وليس مجرد أسياخ من الحديد؟ وهنا نتمنى الوفاء بالتعهدات التى جاءت فى بيان وزارة الزراعة، وتصريحات مسئوليها عن الحفاظ على كل ما هو تاريخى وأثرى مثل بيوت الضباع والفيلة والسباع وأكشاك الطيور، وحتى أوراق الشجر.. وإنا متابعون.