قمة الاتحاد الإفريقى 32: مصر تتسلم عجلة قيادة الاتحاد الإفريقى
العالم يفكر
آخر تحديث:
السبت 9 فبراير 2019 - 9:35 م
بتوقيت القاهرة
نشرت مؤسسة Institute For Security Studies مقالا للباحث ANDREWS ATTAــASAMOAH يتناول فيه الموضوعات التى تضعها مصر على قائمة أولوياتها خلال فترة توليها رئاسة الاتحاد الإفريقى والتحديات التى سوف تواجهها.
فى 2 فبراير الحالى، عقد الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى اجتماعا لمجلس الوزراء لمراجعة الاستعدادات النهائية لرئاسته للاتحاد الإفريقى والتى من المقرر أن تبدأ اليوم الأحد 10 فبراير. وباعتبارها عضوا مؤسسا لمنظمة الوحدة الإفريقية، ورئيس لها فى عام 1964و 1989 و1993، فإن هذه الأدوار القارية المهمة ليست جديدة على مصر. ومع ذلك، فهذه هى المرة الأولى منذ تأسيس الاتحاد الإفريقى فى عام 2002 التى تتمكن فيها مصر من إدارة شئون المنظمة. ويعد هذا تطورا مهما نظرا للعلاقة الفاترة فى السنوات الأخيرة بين الاتحاد الإفريقى ومصر. ففى عام 2013، تم تعليق عضوية مصر فى الاتحاد عقب الأزمة السياسية فى البلاد بعد عام 2011.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يشهد فيه الاتحاد الإفريقى ومصر تغييرات كبيرة. حيث يهدف إصلاح الاتحاد الإفريقى إلى معالجة التحديات التى تواجهها القارة بفاعلية أكبر. فى الوقت الذى تحاول فيه مصر استعادة دورها فى إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لمتابعة وحماية مصالحها الاستراتيجية. ومن ثم فإن هذا التوقيت لتولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى يعد فرصة للمساهمة فى الإصلاحات التى يسعى الاتحاد الإفريقى لتحقيقها ومتابعة تحقيق أهداف سياستها الخارجية.
فى وقت سابق على انعقاد القمة فى أديس أبابا، حددت وزارة الخارجية المصرية ست قضايا لها الأولوية أثناء فترة رئاستها للاتحاد عام 2019 وهى: بناء الجسور بين شعوب إفريقيا ــ التعاون مع الشركاء ــ التكامل الاقتصادى والإقليمي ــ التنمية الاقتصادية والاجتماعية ــ الإصلاح المؤسسى والمالى للاتحاد الإفريقى ــ قضايا السلام والأمن.
ماذا تعنى هذه الأولويات بالنسبة لإفريقيا؟
توضح هذه الأولويات التفسير المصرى لمشكلة إفريقيا الحالية وما تعتقد قيادة البلاد أنها يمكن أن تساهم به لحل تلك المشكلات، حيث ترى مصر أن لديها خلفية عن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الهيكلية التى ساعدتها على تحقيق التنمية، وبالتالى يمكن أن تساعد هذه الخبرات البلدان الإفريقية الأخرى على تحقيق التنمية، حسب تصريحات الرئيس المصرى فى منتدى إفريقيا فى ديسمبر 2018 فى شرم الشيخ، أعطت مصر الأولوية لترويج التجارة البينية الإفريقية، حيث كانت مصر حريصة على زيادة استثماراتها فى إفريقيا خلال 2018 من 1.2 مليار دولار لتصل إلى 10.2 دولار مليار.
وفى ظل الاهتمام بالمسائل الاقتصادية ومنحها الأولوية، يبدو أن مصر ترى أن الحالة المالية للقارة تمثل أولوية قصوى أثناء فترة رئاستها. وهذا يمكن أن يعزز الجهود المستمرة لتنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية والتى لم تصدق عليها مصر بعد. وهذا يطرح تساؤلا حول كيف يمكن لها أن تسعى إلى تعزيز التجارة البينية الإفريقية دون تصديقها على تلك المعاهدة.
ومن شأن التركيز على قضايا التنمية الاقتصادية أن يكون مفيدا إذا كان يساهم فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر لتحسين قاعدة إفريقيا الصناعية والبنية التحتية. ومن دون الصناعات المناسبة، لإضافة قيمة للسلع الإفريقية، فإن الترويج للتجارة الإقليمية فى قارة فيها معظم الدول مصدرة للمواد الخام، لا بد أن يكون سرابا. ومن الجدير بالذكر أن الأجندة الاقتصادية المصرية تستند إلى فهم مصرى بأن مواجهة التحديات الاقتصادية هى مفتاح حل المشكلة الإفريقية. كما ينبغى النظر فى قضايا الحكم إلى جانب الأولوية الستة التى تم وضعها، لأنها سبب محورى فى تخلف إفريقيا.
من الواضح أيضا أن مجالات التركيز الأساسية يتم وضعها مع الأخذ فى الاعتبار المصالح الخاصة لمصر. ففى مجال السلام والأمن، على سبيل المثال، تشمل أولويات مصر الدفع من أجل إنشاء مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية فى القاهرة، وإطلاق منتدى حوار قارى رفيع المستوى فى أسوان، «منتدى مصر ــ أسوان للسلام والتنمية المستدامة». ومن المتوقع أن يساعد المشروعان على تحقيق السلام ومحاولة وضع حلول جذرية لمشكلة التهجير القسرى، والتى تتوافق مع موضوع الاتحاد الإفريقى لهذا العام. هذه المقترحات جميعها جديرة بالثناء، لكن الدفع باتجاه تنفيذها فى عام 2019 سيعزز الحديث حول أن بعض رؤساء الدول الإفريقية يستخدم رئاسة الاتحاد الإفريقى لوضع جداول أعمال إقليمية وداخلية.
***
وإلى جانب الأولويات التى تركز عليها مصر، هناك العديد من المشكلات القارية التى تنتظر الرئاسة الجديدة. ها هى الأزمة الليبية، والإرهاب فى منطقة الساحل، والاحتجاجات المستمرة فى السودان، والصراعات فى جنوب السودان والصومال، وتأثير التغير المناخى، وإدارة نهر النيل، والنزاعات الحدودية.
كما أن أزمة البحر الأحمر تعتبر قضية مهمة أخرى للسياسة الخارجية المصرية. وقد جعل هذا التوتر والتوترات حول النيل الشرق والقرن الإفريقى مرتعا للمصالح الإقليمية والدولية المتنافسة. ويبقى أن نرى ما إذا كانت الرئاسة المصرية ستعطى الأولوية لهذه القضايا لكى يتعامل معها الاتحاد الإفريقى. ربما يكون أكبر اختبار سيواجهه الرئيس فى عام 2019 هو إدارة التصورات فى بعض دوائر إفريقيا جنوب الصحراء حول المصالح المصرية فى القارة والالتزام بإصلاح الاتحاد الإفريقى المستمر.
وعلى الرغم من كل هذه التحديات، فإن العديد من سكان شمال إفريقيا لديهم توقعات كبيرة من قيادة مصر للاتحاد الإفريقى لعام 2019. ووفقا لوزارة الخارجية المصرية، فإن الدولة حريصة على «تحقيق نتائج ملموسة». وعلى الرغم من أن الرئيس يتمتع بسلطة كبيرة للتأثير على جدول أعمال الاتحاد الإفريقى، إلا أن التغيير الشامل يتطلب اتخاذ إجراء من المؤسسة بأكملها، وليس الرئيس وحده. ومن ثم لكى يتمكن الرئيس المصرى من تقديم مساهمة حقيقية على رأس الاتحاد الإفريقى، فإنه يحتاج إلى الحفاظ على هذا الزخم الذى يسعى لتحقيق الإصلاح.
إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسي
النص الأصلي
https://bit.ly/2WRX62T