حينما تبكى غزة
ناجح إبراهيم
آخر تحديث:
الجمعة 9 فبراير 2024 - 7:35 م
بتوقيت القاهرة
• خلاصة عمرى وتجربتى فى الحياة تتلخص فى الآتى: القائد العظيم هو الذى يجنب شعبه وأمته وأتباعه ويلات الحروب ويبعدهم ما استطاع عنها، الحرب دمار، الحرب ويلات وموت وجراحات ودمار شامل، الحرب ليس لعبة، الحرب تبدأ صغيرة ثم تكبر وتكبر، وتتسع وتتدحرج حتى تطال الجميع.
• صناع السلام من القادة أعظم من صناع الحروب، ادرءوا الحروب بالسلام ما استطعتم لذلك سبيلا، حفاظا على شعوبكم وأبنائكم، وفى نفس الوقت حاولوا نصرة القضايا العادلة ما استطعتم لذلك سبيلا.
• «انتهت خدمتنا ولم ننتصر» لافتة رفعها بعض جنود الجيش الإسرائيلى الذين تم سحبهم من غزة، هذا اعتراف تاريخى بالهزيمة لجيش مسلح بأحدث الأسلحة أمام مدنيين عزل ومقاومة لا تجد أى عتاد أو سلاح يذكر، وبعضها يرتدى كوتش أو شبشب وكل قتالها من المسافة صفر أو عدة أمتار.
• البرد القارص فى غزة أقسى على الأطفال والنساء فى الخيام من قنابل الـ F16، إنه الموت البطىء لشعب أعزل جائع يواجه كل أسباب الموت ببسالة منقطعة النظير.
• قطعت قدما الطفل الفلسطينى الصغير الذى لا يجاوز الخامسة من عمره بعد قصف منزله فى غزة، فى المستشفى ظل يلح على الطبيب بقوله «عمو رجلى بتطلع تانى» سجلت الكاميرات هذا الفيديو المؤثر جدا، هذا الطفل لم يهنأ بالمشى على قدميه طويلا، صورة قدميه المبتورين والخراطيم تخرج منها والشاش يلفهما مأساوية لحد كبير، ولكن العالم كله أصم أذنيه عن مأساة فلسطين.
• انتشرت صورة شهيد فلسطينى مدنى جثته ملقاة فى الطريق وبجواره الموتوسيكل الذى كان يركبه قبل أن يقتله القناصة الإسرائيليون وبجواره أوانى الطعام التى كان يحملها لأسرته لكى يطعمهم، قتله القناصة الإسرائيليون فى المنطقة الآمنة التى حددتها إسرائيل نفسها لانتقال الفلسطينيين فى غزة، الغدر هو العلامة المميزة للجيش الإسرائيلى، مئات الجثث الغزاوية فى الطرقات، كل من يتحرك يقتل، منذ أيام تحركت امرأة مسنة جاوزت السبعين بعيدا عن طابور النساء المحدد للتهجير من منطقة لأخرى فبادرها القناص الإسرائيلى فأرداها شهيدة، هذه السيدة كانت أدركت نكبة 1948 وهجرت منذ سنوات طويلة إلى غزة واليوم تنال درجة الشهادة وهى فى أواخر العمر، وسام الشهادة فخر لها، وعار الغدر للجيش الإسرائيلى.
• الجيش الإسرائيلى يقوم كل يوم بعدة مذابح فى غزة، تقريبا من 7 إلى 12 مذبحة فى العادة يقتل فيها عادة ما بين 110 ــ 180 شهيدا ويجرح فيها قرابة 250 جريحا معظمهم من المدنيين إن لم يكن كلهم، أى إنسان يفكر فى هذا الأمر يستنتج أن إسرائيل تستبق الزمن لقتل أكبر عدد ممكن من سكان غزة، وتراهن على الخوف والجوع والبرد وهدم المنازل والرعب الذى زرعته فى سكان غزة ليقبلوا بالهجرة من القطاع، وبهذا تنتهى غزة وصداعها فى إسرائيل، وتبدأ إسرائيل فى زرع المستوطنات فيها كما زرعتها فى كل شبر من أراضى الضفة الغربية.
• تحدثت المذيعة إلى طفل غزاوى حافى القدمين فقال: عندنا شبشب واحد نتناوب لبسه معا، إذا خرجت ألبسه فإذا عدت تلبسه شقيقتى بالخيمة، يتحدث بمنتهى الثبات، شعب أبى لا ترى فيه مشاعر الذل والانكسار أو السخط أو التسخط على الأقدار، هذا درس لكل من يعيش فى ترف ولا يهتف بمعنى لحمد لله وشكره.
• القناصة الإسرائيليون لا يكتفون بقتل أى فلسطينى يتحرك بل يقتلون الحيوانات النافعة، فقد انتشر فيديو يصور قتل القناصة الإسرائيليين لثلاث خراف كانت تجرى فى الشارع صوبوا عليهم الرصاص حتى قتلوهم وصدق فيهم وصف القرآن «وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ».
• سأل المذيع الطفل الفلسطينى، منذ متى لم تأكل، قال: منذ ثلاثة أيام، حاصرنا الجيش الإسرائيلى ولم نتحرك إلا بعد مغادرته للمنطقة، هذا الطفل استشهد والداه وأصبح يعول شقيقيه ويسعى عليهم، رجولة لا تكاد تجدها فى أجيال العرب الحالية.