الفرصة

عمرو خفاجى
عمرو خفاجى

آخر تحديث: السبت 9 مارس 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

ها هى الفرصة جاءت للجميع، دون أى ضغوط على أى طرف، ومن دون أى تنازلات أيضا، فرصة للخروج من المأزق السياسى الأمنى الاقتصادى، دون أن يتحمل أى طرف أية تكاليف لهذا الحل المثالى، وحسنا فعلت مؤسسة الرئاسة بعدم طعنها على حكم الإدارية، لتذهب الانتخابات إلى راحة إجبارية، كما كان يطلب البعض وكما كان يتمنى البعض الآخر، وبينهما كان فريق يطلب ما أسماه «استراحة المحارب»، حتى يتم الالتفات إلى المشكلات المزمنة التى لم يتصد لها أحد وسط الانشغال بعمليات الكر والفر بين النظام ومعارضيه.

 

الآن، وبعد أن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات، تاجيل الانتخابات رسميا، بات على الجميع أن يسير فى الاتجاه الصحيح، وتحمل مسئولياته تجاه الشعب الذى بدأ يضج بكل شىء، خاصة تصحيح القانون كما طلبت المحكمة الدستورية، حتى ننسى قصة الطعون وعدم الدستورية والتهديدات الدائمة بحل المجالس المنتخبة، إلى جانب ضرورة احترام القانون، خصوصا فى قانون سيكون مسئولا عن الإتيان بالمجلس الذى سيشرع كل القوانين، وأنا أتحدث بالتحديد عن تقسيم الدوائر الذى صدم الجميع فى القانون الذى أعادته الإدارية للدستورية، ولا يكون التعديل شكليا من أجل اعادة تمرير القانون، وهو ما يعنى أننا سنظل طويلا داخل هذه الدوامة القانونية التى من الممكن ان تجهز على العمل السياسى برمته.

 

أما الرئيس، ووفقا لمكانته ومسئولياته، فهو صاحب العبء الأكبر فى استغلال ونجاح هذه الفرصة، فى السير ببعض القرارات فى اتجاه التوافق الذى نبحث عنه ــ دون جدوى ــ منذ عدة شهور، وفى مقدمة ما يجب ان يفعله الرئيس، هو اختيار حكومة انقاذ وطنى بالفعل، ليس فقط لأن قوى المعارضة طلبت ذلك، لكن لأن الوضع الذى وصلت اليه البلاد يحتاج بالفعل إلى حكومة فنية قوية قادرة على حل المشكلات دون التقيد باية التزامات حزبية، أو مراعاة اى تحفظات بسبب الكتل التصويتية بمغازلة الجماهير قبل الانتخابات، وهنا أقول صراحة أننى لا أتحدث عن حكومة ائتلاف وطنى، فالتوافق لا يعنى ان تكون الحكومة ممثلة من كافة القوى، إنما يعنى أن تكون جميع القوى متوافقة على حكومة تستطيع ادارة شئون البلاد بكفاءة بعيدا عن الصراعات السياسية، ومن المهم هنا أن نقول، أن حجة رفض تشكيل حكومة جديدة لضيق الوقت، قد سقطت بتاجيل الانتخابات.

 

ويبقى على المعارضة، أن تغير من سياساتها، تجاه التعامل مع نظام الحكم، خصوصا فيما يتعلق بالعملية الانتخابية، طبعا نتفهم ان حراك المعارضة ياتى بالضرورة بعد خطوات واجبة ولازمة  مِمَّن يحكم، لكن يجب أن نذكر دائما أن علينا أن نتعامل مع كل ما هو ممكن، وليس بالضرورة مع كل ما هو مثالى، دون التنازل عن القضايا الأساسية مثل نزاهة التصويت، وحيادية من يشرف على الانتخابات، وايضا دون فكرة اللهاث وراء فكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة، والتى ليست هى فى صالح مستقبل الديمقراطية فى مصر، وبصراحة شديدة فنحن فى ذات اللحظة التى نحتاج فيها إلى حكومة قوية، نحتاج أيضا إلى معارضة قوية، قادرة على تقويم من يحكم بأدوات سياسية ناقدة لكل ما تعتقد انه ينحرف عن اهداف الثورة التى ــ بالضرورة ــ يجب أن تكون مرجعا للجميع.

 

وبين الأطراف الثلاثة، التشريع والرئيس والمعارضة، يبقى امتحان واضح لثلاثتهم فى مدى اخلاصهم للوطن، فإما انتهزوا هذه الفرصة وصححوا مساراتهم ومواقفهم، وإما علينا أن ندرك أن جميعهم تحركهم دوافع أخرى غير العمل من أجل هذا الشعب الذى أُرهق تماما، وبات على وشك الانفجار فى وجه الجميع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved