ساعات قبل عيد الحب..


رضوى أسامة

آخر تحديث: الخميس 9 أبريل 2009 - 2:48 م بتوقيت القاهرة

 يحاول كل منهم أن يرسم صورة رومانسية لليوم ، يهتم بالتفاصيل التى ستبهر الطرف الآخر ،يشترى صحبة ورد من البائع الذى سيكسب كثيرا فى هذا اليوم بالذات ، سيشترى هدية مميزة تشعرها بالمفاجأة ، وسيغلفها فى ذلك المحل الشهير الذى يصنع من كل هدية حدثا خاصا ، وسيحجز لهما مكانا مختلفا ويفكر فى طريقة جديدة ليفاجئها بالهدية ، بينما هو يفكر فى ذلك ، تكون هى قد أحضرت هديتها التى سيفرح بها كثيرا لأنه سيتأكد أنها تهتم بكل تفصيلة صغيرة يقولها ، وأنها تذكرت احتياجه لذلك الذى أحضرته ..وبينما هم يحتفلون ستطل على المشهد أخري تحلم بذلك الوسيم الذى سيمنحها هديتها ولم يأت بعد .

هكذا هو عيد الحب فى كل عام ، أستمع إلى البنات فى المترو وهن يحكين عن الهدية المنتظرة ، أو تسأل إحداهن الأخرى " عن خطيبها التى خطبت له مؤخرا وشكل الهدية التى أهداها لها فى عيد الحب" .

أجد فكرة الانسياق وراء مناسبة ما سخيفة للغاية واعتبارها معيارا لحياتنا ، كم من علاقات فشلت بسبب عيد الحب ! أتذكر محادثة سمعتها فى المترو بين فتاتين ، تتحدث إحداهما عن حبيبها السابق الذى تركته لأنه نسى شراء هدية لها فى عيد الحب ، كدت أتدخل واستفسر إن كان هذا هو السبب الرئيسى وهل كانت علاقتهما ناجحة، لكنى تراجعت في اللحظة الأخيرة.

أؤيد بشدة الفكرة القائلة باستغلال مناسباتنا الخاصة لتقييم حياتنا وشكل علاقاتنا ، أظن أن أكثر العلاقات أهمية هى تلك العلاقة الخاصة بالشريك الدائم ، سواء حبيب أو زوج ، أظننا بدلا من أن نقضى السنين فى التفكير كيف سيغير كل منا الأخر ، أجدى بنا أن نفكر فى كيف سيتغير كل منا ليلائم الآخر؟

كثيرا ما سمعت من كلا الطرفين عبارات مثل " (أتركها – أتركيه) يفعل ما يشاء ، وبعد الزواج سيتغير كل شىء ، سيمكنك وقتها من تطبيعه عليك ، أظن أن ذلك هو أكبر ما يفشل علاقات الحب وهى تلك الرغبة فى السيطرة على الطرف الآخر وإجباره على التغيير.

أريدنا أن نفكر بعمق قبل ساعات من عيد الحب ، فى عدة أسئلة ، ماذا سيحدث لو قبلت الطرف الآخر كما هو دون أن أسعى إلى تغييره وانتظار رغبته فى التغيير ؟

كيف يمكننا تطوير علاقتنا والدخول بها إلى منحى النضوج ؟ هل هذه العلاقة ناجحة وهل اخترت الشخص المناسب؟ أظننا لو فكرنا بعمق فى هذه الأسئلة وقيمنا شكل علاقتنا فى الفترة الماضية سنستمتع بعيد حب مختلف ، ليس عيد الحب هو الوقت الوحيد الذى يمكننا فعل ذلك فيه ، استغل كل الفرص لتذكيرك بذلك ، مناسباتكما الخاصة ، عيد زواجكما ، افعلا ذلك قدر المستطاع .

كلما كان الفرد قادرا على النظر بتأمل إلى شكل العلاقة و تحليلها ، كلما قلت توتراته ومخاوفه بشأنها ، وكان متاحا لنا أن نناقش بهدوء شديد تقيمنا معا للعلاقة ونراجعه لنجدها قد اتخذت شكل النضوج .

لى تجربة شخصية فى هذا المجال . منذ أسابيع كنا نحتفل بعيد زواجنا الثانى ، اتفقنا أن نجلس سويا لنقيم شكل السنتين معا ، ما استطعنا أن نقبله فى كل منا، و ما لم نستطع قبوله ، قدرتنا على فهم بعضنا البعض ، تناقشنا بهدوء وحميمية فى شكل السنتين ، أظن أن كل منا سأل نفسه عدة أسئلة حول قدرتنا على تحقيق أحلامنا بيسر داخل هذه العلاقة ، ومدى رضاءنا عنها ، أظننا استمتعنا بشكل أكبر من عيد زواجنا الأول الذى قضيناه فى الشارع نبحث عن هدية تصلح لهذه المناسبة .

لست ضد منح الهدايا فى المناسبات الخاصة، على العكس أنا أفضل الهدايا جدا ، ولست أيضا ضد عيد الحب ، لكننى مع إعطاء هذه المناسبات منحى أعمق وقادر على إثارة التأمل فى شكل حياتنا ، من الأجمل وأنتما تحتفلان بعيد الحب هذا العام أن تكونا قد استطعتما أن تتأملا فى علاقتكما بحب .

يبهرنى بشدة الأزواج القادرين على تغيير حياتهم ، قابلت منذ يومين إثنين يريدان الاشتراك فى إحدى دورات حول كيفية إقامة علاقة زوجية ناجحة ، والأجمل أنهما فعلا ذلك قبل أيام من عيد الحب ، وتحدثا معى عن أنهما يريدان أن يبدأن معا حياة جديدة خالية من المشاكل ، ورغم أنه لا توجد حياة خالية من المشاكل كما يقولان إلا اننى سعدت جدا بقرارهما ، فقط كنت أريد أن أقول لهما أن الحياة ستستمر فيها المشاكل ، لكن قدرتنا على مواجهة هذه المشاكل هي التي ستتغير.

امنحا أنفسكم فرصة لقضاء عيد حب مختلف بعيدا عن التفكير فى إبهار الطرف الآخر بالهدية ، والحديث عنها أمام الأصدقاء ، اقضوا وقتا أكبر فى التفكير فيما بينكما ، فهو يستحق.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved