لنعلِّم أطفالنا الاعتماد على أنفسهم
صحافة عربية
آخر تحديث:
الثلاثاء 9 مايو 2017 - 9:50 م
بتوقيت القاهرة
من المهم تعليم الأطفال الاعتماد على أنفسهم فى الأمور التى تتناسب مع سنهم، وقدراتهم العضلية والعقلية والفكرية والوجدانية.
أن نتدرج معهم فى إعطائهم بعض المسئوليات والواجبات، حتى نخلق جيلا قادرا على مواجهة الظروف، لكن بعض أولياء الأمور يخافون على أطفالهم حتى من النسمة العابرة، فلا يتركونهم يحاولون فعل أى شيء بمفردهم. يوصدون عليهم الأبواب ويخنقون كل فرصة لديهم للتعلم والاستكشاف، بحجة أن هذا الزمان غير زماننا، وأن هذا الوقت غير آمن، وأن المجتمع قد تغيّر.
جميعنا نتفق أن هذا الكلام صحيح، وأن مستوى الأمن الذى عشناه فى طفولتنا اختلف اليوم، خصوصا مع وجود هذا الخليط الكبير من الثقافات والجنسيات التى دخلت مجتمعنا بشكل كبير، وانتشار جرائم التحرش الجنسى والعنف وغيرها. ولكن هذا لا يبيح لنا قتل طاقات أطفالنا وجعلهم غير قادرين على تحمل أية مسئولية مهما كانت صغيرة. وبالتالى نساهم فى خلق جيل اتكالى لا يستطيع فعل أبسط الأشياء.
من الممكن أن نعلّمهم بعض الواجبات المنزلية الخفيفة كغسيل الأوانى التى يأكلون أو يشربون فيها، وترتيب أسِرّتهم حالما يستيقظون من نومهم، وإعادة ألعابهم إلى مكانها بعد كل استخدام، وبعض الأمور الأخرى البسيطة التى لا ترهقهم ولا تأخذ الكثير من أوقاتهم، كى لا يعتادوا الاتكال بشكل كامل على الوالدين أو على العاملات فى المنزل فى حال وجودهن.
هذه الأمور البسيطة تؤثر بشكل كبير فى حياتهم وفى مستقبلهم؛ فلو أن أحدهم أراد السفر يوما للدراسة أو لحضور مسابقة ما وهو ما يحدث الآن بشكل متكرر لأطفالنا المتميزين الذين يشاركون فى مختلف المحافل منذ صغرهم، فلن يشعروا بالضياع والخوف، ولن يضطروا لأن يخسروا كثيرا أو يحتاجوا لأحد فى كل صغيرة وكبيرة، وبالتالى لن يكونوا عبئا على أحد.
الاعتماد على النفس فى الأمور المتوافقة مع قدراتهم يربى داخلهم قادة قادرين على المضى قدما فى مشوار حياتهم ومستقبلهم، ويعطيهم الثقة بأنفسهم، ولا يجعلهم يتوقفون عند أمور بسيطة كان من الممكن أن يتعلموها فى سن مبكرة. وهو ما حاولت أمهاتنا وجداتنا فعله؛ إذ كانت الفتيات يتعلمن الطبخ والأمور المنزلية منذ صغرهن، إلى جانب اهتمامهن بإخوتهن الذين يصغرنهن، وهو الأمر الذى وفر عليهن الكثير من المشكلات والمضايقات التى قد يتعرضن لها هن وأزواجهن نتيجة الاستعانة بعاملات المنازل منذ بداية حياتهن الزوجية على سبيل المثال.
الآباء كانوا أيضا يشركون أولادهم فى الأعمال البسيطة، ويعلمونهم بعض الحرف وطرق تصليح واستبدال بعض الحاجيات فى المنزل، بل وقد يعتمدون عليهم بشكل كبير فى الأمور الصغيرة. وهذا أيضا وفر على الأولاد حاجتهم للعمال فى كل صغيرة وكبيرة وفى كل طارئ قد يحدث فى بيوتهم مستقبلا.
جميعنا نتمنى أن يعيش أبناؤنا سعداء تتوافر لهم كل مقومات الراحة والرفاهية، ولكن هذا لا يعنى أبدا أن نخلق جيلا متواكلا لأى سبب كان.
الوسط ــ البحرين
سوسن دهنيم