لا تحتاج النساء لأكثر من كلمة شكرًا!


رضوى أسامة

آخر تحديث: الثلاثاء 9 يونيو 2009 - 8:15 م بتوقيت القاهرة

 لدى شغف خاص بقراءة الكتب التى تهتم بالعلاقات الزوجية، لا يمكننى التفرقة بين كونى أهتم لسبب شخصى أم عام، آخر ما قرأته فى هذا المجال كتاب بعنوان «ماذا تحب النساء أن يعرف عنهن الرجال» للدكتور جيمس دوبسون، وهو طبيب نفسى ومؤسس منظمة التركيز على الأسرة وأحد أبرز قيادات اليمين الدينى الأمريكى.

على الرغم من اعتراضى بشدة على أشياء عدة فى الكتاب فإن كتابته السلسة والمقنعة أعجبتنى بشدة، وذكرتنى بما تعانيه المكتبة العربية من نقص شديد فى كتب علم النفس السهلة والتى يمكن للعامة قراءتها.

نعود لكتاب د. دوبسون والذى تناول فيه موضوعات عدة فى حياة النساء تسبب توترا فى علاقاتهن بأزواجهن ومن بينها عدم تقدير الذات، حيث يرى أن هذا العامل من أكثر المشكلات إزعاجا لأغلبية النساء ويسبب لهن الاكتئاب. يمكننى أن أوافقه بشدة على معاناة الكثيرات من عدم تقديرهن لذواتهن والذى ينعكس على شكل العلاقة، لكنى لا أرى تلك الحالة خاصة بالنساء فقط، فالاكتئاب لا يفرق بين رجل وامرأة. أصدق بشدة نظرة مريض الاكتئاب لنفسه، ذات مرة جاءتنى امرأة متزوجة وتعمل فى مركز مرموق للغاية تعانى من الاكتئاب. هذه المرأة ظلت تناقشنى لوقت طويل وتشرح لى عدم جدوى ما تفعله، وكيف أنها عاجزة، هذا المعتقد الراسخ داخلها يتأكد كل يوم باعتذارها لزوجها عن إهمالها فى حياتهما وتصديقها لهذا الإهمال على الرغم من عدم تقصيرها، لكن ترديدها لذلك وفقدان همتها لعمل الأشياء جعلا زوجها يصدق إهمالها، وبالتالى محاسبتها. فى هذه الحالة يحتاج كلا الزوجين إلى تعلم مهارات تقدير الذات، فهى ستتعلم كيف تقدر ذاتها، كما أن تعليمه لهذه المهارة يساعده فى تفهمه لمشاعرها. على الرغم من أن مهارة تقدير الذات هى من المهارات التى تتأثر بصورة الشخص عن نفسه، فإنه من المهم أن تسمع المرأة من زوجها عبارات تشجيعية تمتدح ذكاءها وشخصيتها، فالكثيرون من الرجال يكفون عن طرح هذه العبارات بعد الزواج. أتذكر مدافعة صديق عن نفسه فى مثل هذه المواقف قائلا: «طالما تزوجتها فهى جيدة، لست أحتاج لقول ذلك مرارا».

تحدث د. دوبسون فى الكتاب عن تجربة له مع ابنه الصغير أثناء مرض زوجته وهى طريحة الفراش وكيف أنه مارس دور الأم لعدة أيام، كان يستيقظ على صراخ ابنه الصغير ويذهب مسرعا لحجرته ليكتشف أنه جائع فيعد الفطور مسرعا مرتبكا، ليجد أنه نسى أشياء فى المطبخ فيعود ليلتقطها، ويستكمل بقية يومه فى الطبخ والذهاب إلى العمل وتنظيف المنزل ودفع الفواتير والذهاب بالملابس إلى المغسلة. كل هذه الأشياء كانت تقوم بها زوجته وعند مرضها اكتشف قدرتها على فعل ذلك كله، واكتشف أنه لم يوجه لها رسالة شكر أبدا، ولم يكن يعرف كم هذه الأعباء من قبل.

أعرف جيدا أعباء المرأة وكم الأشياء الملقى على عاتقها، خاصة عندما تعمل. أكتشف أحيانا أننى قمت فى اليوم الواحد بعشرات الأشياء دون راحة، يستعجب زوجى من قدرتى على فعل ذلك كله مرة واحدة، أؤكد له أن قدرة المرأة تفوق الرجل فى مثل هذه الأشياء.

من الجميل أن تشكر زوجتك على كل هذه المجهودات، أعرف جيدا ذلك الشعور الناتج عن قبلة دافئة وكلمة شكر بعد يوم طويل من الأعباء الثقيلة، كما أننى أعرف أيضا تجاهل ذلك كله، اختبرت كلا الحالتين فى حياتى الشخصية، وأعرف الراحة التى تجدها بعد كلمة شكرا والتى تذيب كل التعب والإحباط الناتج عن تجاهل ذلك وتصاعده إلى مشاعر غضب شديد.

تحدث أيضا د. دوبسون عن الوحدة والعزلة والملل فى حياة المرأة المتزوجة، ربما تأكيده على هذه المشاعر ناتج من تلك الأهمية التى يصبغ بها ترك المرأة لعملها بعد الإنجاب، وهى مسألة خلافيه لدى العديد من علماء النفس. فهناك من يرى أهمية الثلاث سنوات الأولى فى حياة الطفل وتفرغ الأم فيها، وهناك من يتسامح فى ذلك طالما أنها لن تتفرغ كاملة للعمل.
الفكرة الأساسية التى كان يحاول شرحها كيف تشعر المرأة بالملل بعد الإنجاب وتمحور حياتها حول ذلك الطفل، وانعزالها وعدم شعور الزوج بكل ذلك، وهى المشكلة الأكبر التى نواجهها فى مجتمعنا عندما تترك المرأة عملها وتتفرغ لرعاية الطفل وتشعر بالملل، ولا يشعر بها الزوج الذى أتى من العمل مجهدا منتظرا للهدوء والسكينة، وتتعارض رغبته مع رغبة الزوجة التى انتظرت وحيدة طوال اليوم وتتمنى لحظات رومانسية مليئة بالكلام.

لو حاول الرجل أن يشعر زوجته بأهميتها ويسمعها كلمات الثناء متفهما ما عانته طوال اليوم، مساعدا إياها على تجاوز تلك المرحلة لامتلأت حياتهما بالسعادة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved