الرحمة حلوة

غادة عبد العال
غادة عبد العال

آخر تحديث: الخميس 9 يونيو 2011 - 10:15 ص بتوقيت القاهرة

 «نعمل ائتلاف» كان هذا ردها على محاضرة طولها نصف ساعة انتهيت لتوى من إلقائها على مسامعها، التفت بتلقائية لأبحث خلفى عمن تحدثه، «إنتى بتكلمينى أنا؟»، «أيوة يا بنتى هو ده الحل، ائتلااااف»، «ائتلاف إيه؟، هو إيه علاقة اللى أنا عماله أرغى فيه لمدة نص ساعة ده بالائتلافات؟»، «طب بالذمة ده سؤال يتسئل؟ يا بنتى كل حاجة فى مصر دلوقتى لازملها ائتلاف»، «ياشيييخة، ده مين اللى بيقول؟»، أجابت بثقة لا تتزعزع «الشعب اللى بيقول»، أمسكت لسانى حتى لا تفلت منى أية عبارة قد تدل خطئا على أننى (ضد الشعب) أو (ضد الشباب) أو (ضد الإئتلاف)، فصديقتى تشك منذ مدة فى آرائى وكتاباتى خاصة أنى من أنصار حزب (طب نفهم الأول إيه الموضوع) المكروه دائما وأبدا فى مصر، لكن على الرغم من اقتناعى بعدم وجود أى علاقة بين مشروع مكتبة مدينتى الصغيرة المحرومة ثقافيا اللى كنت باشرحه لصديقتى واقتناعها بإننا ضرورى عشان نعملها نكون «ائتلاف» لكنى متفهمة لتعطشها وتعطش أجيال متعاقبة حرمت من مجرد الحديث عن أى حاجة ليها علاقة بالسياسة فى أى مكان ولمدة سنوات طويلة، (اللهم إلا إذا كانت سياسة اتحاد الكرة طبعا).

 

شباب البلد دى كان حاله قبل الثورة بالظبط زى حال الأرض العطشانة قبل ما فؤاده تفتحلها الهويس، ومن الطبيعى إن الكل دلوقتى عايز يعمل الحاجة اللى طول عمره حاسس إنها من حقه وإنه اتحرم منها من زمان، لكن هل ضرورى تكون المشاركة الفعالة للشباب عن طريق كل هذا العدد من الأحزاب الجديدة والائتلافات؟، مافيش اعتراض طبعا على تشجيع الشباب والكبار، الرجال والنساء، وكل فرد على أرض البلد دى على المشاركة فى الحياة السياسية، لكن السؤال هو، نشارك إزاى؟، عن طريق الصوت العالى والتشرذم وإن كل 5 أشخاص فى مصر يبقالهم حزب سياسى يتبادلوا رئاسته؟، والا عن طريق الانخراط فى عدد أقل من الأحزاب تكون بالفعل أحزاب فعالة مش مجرد يافطة ومقر؟، عن طريق تكوين ائتلافات سياسية تتسابق على المكاسب باسم الشعب فيبقى عندنا 500 كيان بيقولوا (الشعب يريد) وبعدها مطالب الشعب ولا يعرف عنها حاجة؟، والا عن طريق تكوين آلاف المجموعات الشعبية تخدم مجتمعاتها المحرومة من التوعية الثقافية والاجتماعية؟.

 

اللى فعلا له خبرة سياسية سابقة، واللى دارس سياسة واقتصاد، يا أهلا بيه فى مجتمع محتاج حاليا كل الخبرات (والخبرة مش معناها بالضرورة كبر السن بالمناسبة)، أما اللى مهتم إنه يبقاله خبرة سياسية تؤهله لإنه يبقى من المؤثرين فى السنين اللى جاية فلينضم لمجموعة أكثر خبرة ينمى معاها قدراته، أما اللى مالوش فيها، يركن على جنب، مش معناها إنه مايشاركش فى اختيار مستقبله ومستقبل البلد، لكن يشارك كأى مواطن تانى مالوش خبرة سياسية عميقة، يشارك عن طريق صندوق الانتخابات، لأننا بمنتهى البساطة مش كلنا قادرين على الأداء السياسى بشكل احترافى، ومعظمنا وهو بيتكلم وبيتناقش ما بيبقاش ملم بكل الأبعاد المحيطة بأى موقف بيتكلم عنه وأحيانا كتيرة ما بنبقاش فاهمين أصلا إحنا بنتكلم عن إيه، كلنا عايزين نشارك، لكن لازم نبقى صرحاء مع نفسنا ونعترف إن مش كلنا نقدر نشارك بالشكل اللى نتخيله، أما عن وجود مئات المجموعات اللى بتصرخ بمئات الشعارات والكل بيؤكد إن مطالبه أو آراؤه بيتبناها الشعب لمجرد إنه بيحط قبلها عبارة (الشعب يريد)، ما أعتقدش إنه هيفيد بالعكس من الممكن إنه يضر،أو كما قالها أحد أصدقائى على صفحته على الفيس بوك «مصر دلوقتى عامله زى خشبة مسرح ضعيفة طالع عليها فيل صغير فرحان بشبابه وعمال يتنطط وفاكر نفسه رشيق، إلى كل فرق الاستعراض، الرحمة حلوة».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved