هل يلغى الرئيس الانتخاب بالجامعات؟
صفوت قابل
آخر تحديث:
الإثنين 9 يونيو 2014 - 5:30 ص
بتوقيت القاهرة
أعلن وزير التعليم العالى عن تغيير طريقة اختيار القيادات الجامعية من الانتخاب إلى التعيين، وتسارعت الإجراءات لتلحق باختيار القيادات قبل العام الجامعى الجديد، وحاول الوزير استصدار تعديل بذلك من الرئيس المؤقت، رغم أنه من البديهيات السياسية أن يحجم الرئيس المؤقت عن إصدار آية قوانين فيما يسمى بفترة الريبة ويترك ذلك للرئيس المنتخب، وحتى إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية لم يقع الرئيس المؤقت فى فخ هذا التعديل، وبالتالى فمن المتوقع أن يكون إصدار هذا التعديل على قائمة القوانين أمام الرئيس المنتخب، فهل يفعلها وتكون من أولى قراراته إلغاء نظام الانتخابات فى الجامعات، ليعطى مؤشرا سلبيا على حال الديمقراطية فى العهد الجديد.
وبالطبع فهذا التراجع يمثل إلغاء أحد المكاسب القليلة التى نتجت عن ثورة 25 يناير، وإذا أخذنا فى الاعتبار تزايد الحديث عن أن ما حدث فى يناير كان مؤامرة، فمن الواضح أن قوى الثورة المضادة تتقدم، وقد تنحاز السلطة القائمة لإلغاء الانتخابات وقد يتم تمرير هذه التعديلات، ولكن السؤال هل ستستفيد من ذلك؟ لقد استمر تدخل الأمن فى تعيين القيادات الجامعية طوال عهد مبارك فهل تقدمت الجامعات أم تدهورت؟ وهل كان ذلك فى صالح نظام مبارك أم أدى إلى تزايد العداء المكبوت حتى جاء وقت الانفجار، وعلى النظام الحالى ألا يتوقع أن يستمر فترة طويلة قادرا على كبت الآراء المعارضة.
•••
من الغريب أن المبرر لإلغاء الانتخابات أنها قد أتت بقيادات لا تستطيع تحمل المسئولية وأنها تراعى الحسابات الانتخابية وتعمل على رد الجميل لمن انتخبهم، بالإضافة إلى القول بأن الإخوان قد استطاعوا الوصول إلى بعض المناصب القيادية، وهناك التصريح العجيب لوزير التعليم العالى بأنه عرف من مصادره أن ثمن الصوت الانتخابى سيصل إلى نصف مليون جنيه، وبدلا من التحقيق فى هذا الفساد (إن كان حقيقيا) يرى الوزير أننا لا نعرف كيف نمارس الديمقراطية مما يستدعى أن يقوم السادة المسئولون باختيار من يتولون القيادة.
وبالطبع فمن الواضح تهافت هذه المبررات فهل القيادات التى جاءت بالتعيين استطاعت أن تدير الجامعات والكليات بطريقة أفضل، من لديه قليل من الموضوعية سيجد أن نظام الانتخابات أفضل فعلى الأقل سيراعى المسئول رد فعل زملائه على قراراته الخاطئة فلا يقدم على فعلها، وأيهما أفضل أن يعمل لصالح زملائه وكليته أم يعمل لصالح الأمن وينفذ لهم رغباتهم، أما الخوف من وصول الإخوان إلى مناصب قيادية فهو تضخيم لهم ومعناه أن النظام الجديد لا يستطيع مواجهتهم إلا بطرق غير ديمقراطية وهو ما يجعل أعداءه يتمادون فى وصفه بأنه لا يتمتع بالشعبية.
•••
كما أن النظام الذى اقترحه المجلس الأعلى للجامعات هو نظام مسخ لا يمكن تطبيقه، فاختيار عميد الكلية مثلا يتم من خلال لجنة خماسية منها اثنان من الكلية وثلاثة يختارهم مجلس الجامعة، فكيف يعرف من هم خارج الكلية أحوالها ومن هو أصلح، أليس هذا مجرد ديكور بينما الحقيقة أن الاختيار سيكون من خلال الأمن الذى سيفضل اسما لا يرفض لهم طلبا ليقوم رئيس الجامعة باختياره، ثم ماذا عن الجامعات الإقليمية التى يقل فى بعض الكليات عدد الأساتذة عن ثلاثة وبالتالى لا لجان ولا انتخابات ورئيس الجامعة يختار من يريد ومن يوافق عليه الأمن.
•••
إذا كان نظام الانتخابات به شوائب فإنه يمكن معالجتها، أما نظام التعيين فهو نظام كله فساد ويؤدى إلى انهيار العملية التعليمية وهو ما حدث وما يعترف به الجميع، حيث تصبح العملية التعليمية يمكن التلاعب بها إرضاء للمسئولين، بداية من تعيين القيادات الجامعية وحتى المعيدين، وتسجيل الدراسات العليا ومنح الدرجات العلمية، فالشللية يمكن التصدى لها أما فساد الأجهزة فسيقضى على الجامعات ويجعلها مجرد هيكل يخرج من حطامه شباب غير مؤهلين، وأمامنا نتيجة عقود من تعيين القيادات وكيف وصلت بالجامعات إلى أدنى الدرجات وأصبح من الترف الحديث عن ترتيب لائق لجامعاتنا وسط جامعات العالم، بل وصل الأمر إلى عدم اعتراف بعض الدول بما تمنحه جامعاتنا من شهادات وجامعات أخرى تبعث برجالها للتأكد من مطابقة ما يدرس مع ما نقول إننا ندرسه.
ثم أين استقلال الجامعات الذى كتبوا عنه فى الدستور الجديد، ألا يوجد فى الحكام الجدد من ينظر لمسافة أبعد مما حوله، ليعرف أن هذا التعديل سيضر الحكام الجدد ولن ينفعهم فالعبرة فى السياسة ليس ما تفعله الآن بل أثر ذلك على المستقبل.
•••
الجامعات كلها مشاكل وازدادت مشاكلها نتيجة المظاهرات الطلابية وإلقاء القبض على المئات من الطلاب، ومن المتوقع استمرار هذا الوضع طالما أن القيادة المرتقبة تأخذ بسياسة المواجهة الأمنية فقط، فلماذا تجعل من غالبية أعضاء هيئات التدريس متفرجين ولا يتدخلون فى محاولة وقف العنف بالجامعات ما دامت السلطات قد اعتبرتهم غير مؤهلين لاختيار قياداتهم.