أزمة أحزاب أم تحالفات
سامح فوزي
آخر تحديث:
الأربعاء 9 يوليه 2014 - 5:30 ص
بتوقيت القاهرة
قررت الحكومة تعديل منظومة دعم المواد البترولية، وهو أمر كان متوقعا منذ شهور. وبصرف النظر عن إدارة الحكومة للقرار، والتى كان من الممكن أن تكون أفضل، وردود فعل الناس الغاضبة التى تخشى الغلاء، غطت الأحزاب السياسية فى سبات عميق، اللهم إلا البعض منها الذى خرج مؤيدا أو ناصحا أو منتقدا. ثم بعد ذلك نسأل: لماذا الأحزاب ضعيفة، تعانى انحسارا جماهيريا؟
الواقع أن الأحزاب السياسية تتطلع إلى الانتخابات البرلمانية، ولا تستمع للشارع، ولا يعنيها تقلباته، كل ما يشغلها توزيع الكراسى. وفى كل يوم تسمع أنباء عن تحالفات تتشكل، وأخرى تتعثر، ولا تجد فى النهاية سوى حوارات بين ساسة لا يعنيهم سوى المصالح الضيقة، ولا ينظرون إلى صالح الوطن. الغريب أن هذه التحالفات لا تتأسس على برامج، ولكن على «توزيع مغانم»، ولا تجد بينها اختلافا فى الأفكار، ولكن صراعا بين أشخاص.
ومما يؤسف أن شهادات الشخصيات العامة والقيادات الحزبية التى شاركت فى الحوارات الممتدة على مدار أسابيع لتشكيل تحالفات خرجت بانطباعات مُحبطة، منها تصريحات اللواء مراد موافى، وآخرها تصريحات أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية ــ أمس الأول، التى وصف فيها تجربة تكوين تحالفات انتخابية بأنها صادمة لوجود بعض الشخصيات الانتهازية التى لا تمتلك رؤية وتنظر لمصالحها فقط، مشيرا إلى أن استمرار الموقف بهذا الشكل يفقد الجميع الثقة المتبقية فى كافة القوى والأحزاب السياسية، ويؤكد أن هذه الأحزاب تحتاج إلى مراجعة لأنفسهم إذا فشلوا فى تكوين تحالف انتخابى يجمعهم لخوض الانتخابات البرلمانية.
هذا الكلام له ما يدعمه على أرض الواقع. وزن الأحزاب السياسية يزداد خفة فى عيون الناس، ولاسيما حين تراها غائبة، تسمع فقط عن الخلافات بينها، بينما تتحرك حكومة توصف بالتكنوقراط، واللا حزبية بجرأة، وتتخذ سياسات غير مسبوقة، وتخطط لسنوات قادمة، وليس فقط تسير الأعمال حتى انتخاب البرلمان المقبل الذى تتصارع حوله الأحزاب السياسية. اللافت للنظر أن حكومة إبراهيم محلب تفعل ذلك دون أن يكون لها ظهير حزبى أو تستند إلى أغلبية فى برلمان أو تنظيم سياسى يدافع عنها، كل ما تستند إليه هو دعم رئيس الجمهورية المنتخب بأغلبية جماهيرية عريضة دون أن يكون له هو الآخر حزب أو تنظيم سياسى.
الأحزاب السياسية لا تفكر فى مستقبلها، ولا تدرك أنها أبعد مما تتصور عن رجل الشارع. منذ ثلاثة أعوام كانت الناس تتعرف على السياسة، وجذبتها الأحزاب الجديدة، والوجوه الإعلامية، ولكن بمرور الأيام، أيا كانت الأسباب، أخذت السياسة فى التراجع، وسئم الناس الساسة والحزبيين، وتولد لديهم اقتناع بأن الساسة لا يصلحون لإدارة شئون البلاد، ولابد من رجال الدولة الذى يخرجون من رحم مؤسساتها الصلبة.
استمرار هذا المفهوم يعنى أن الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق فى المجتمع المصرى فى الأمد المنظور، والحل بيد الأحزاب السياسية فى أن تتحول إلى مؤسسات جادة، أسوة بما هو قائم فى الدول الديمقراطية لا أن تظل واجهات أو «فاترينات» لعرض ساسة يتصارعون، بينما يدير الدولة رجالها.