الأطفال والتغير المناخى… إنذار جدى لتغيير سلوكنا ومواقفنا
مواقع عربية
آخر تحديث:
الثلاثاء 9 يوليه 2019 - 11:37 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع درج مقالا للكاتب «خالد سليمان» نعرض منه ما يلى:
حذرت منظمة «اليونيسف» التابعة للأمم المتحدة عام 2018 من الخطر المباشر للأحداث المناخية القاسية على الأطفال ومستقبلهم. واستشهدت المنظمة الدولية بالفيضانات والجفاف وموجات الحر الشديدة فى شتى أنحاء العالم، التى من شأنها التأثير المباشر فى المياه ومصادرها، ناهيك عن التخريبات التى تحدثها فى أنظمة توزيع المياه وإمداداتها وشبكات الصرف الصحى فى البلدان الفقيرة، وهو ما يعرض ملايين الأطفال للخطر. تزامن تحذير «اليونيسيف» مع بيانات للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية لشهرى يونيو ويوليو لعام 2018، أشارت إلى ارتفاع قياسى لدرجات الحرارة فى معظم أنحاء نصف الكرة الشمالى، فضلا عن موجات حر وجفاف وحرائق برية وفيضانات وانزلاقات أرضية فى مختلف أنحاء العالم، نتجت عنها إصابات وخسائر فى الأرواح وأضرار بيئية وخسائر فادحة.
تزامنا مع تلك البيانات الصادرة عن منظمة «اليونيسيف» والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، كان العراق يحتل واجهة مناطق العالم التى شهدت أحداثا مناخية قاسية، وتميز صيفه بموجات حرارة غير مألوفة قياسا بالسنوات الماضية. وأدى ارتفاع درجات الحرارة إلى انقطاع مستمر فى خدمات الكهرباء ونقص فى مياه الشرب والزراعة والرى. وانتشار الأمراض وإصابة عشرات الآلاف من السكان، وكانت الغالبية بينهم من الأطفال.
بعد أشهر من موجات الجفاف القاسية التى ضربت العراق ومصادر مياهه، تسببت الأمطار الغزيرة التى شهدتها البلاد فى شتاء وربيع 2019 بسيول جارفة وفيضانات شملت الكثير من المناطق بما فيها بغداد العاصمة. وتسببت الفيضانات غير المسبوقة فى شدتها وتأثيرها، فى انهيار الكثير من المنازل والجسور والطرق وانقطاع الخدمات، ناهيك عن إغلاق المدارس بسبب صعوبة وصول التلاميذ اليها. وخلفت السيول أضرارا بالغة فى بعض المناطق، وأدت إلى تخريب البنى التحية للمياه، فلجأت المجتمعات المتضررة بحسب منظمة اليونيسيف إلى استخدام مياه الفيضانات لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وهو ما أدى إلى مخاطر صحية كبيرة. ويعزو المراقبون تلك الأضرار بالدرجة الأولى إلى تهالك البنى التحية فى المدارس العراقية أمام المتغيرات المناخية، الأمر الذى وضع أكثر من 100 ألف طفل أمام الأخطار والمساعدة العاجلة.
وفى خريف عام 2018، حصدت السيول أرواح أكثر من 20 طالبا فى وادى زرقا فى منطقة البحر الميت فى الأردن، بسبب انهيارات فى الجسور والطرق، نتيجة السيول. وجاءت تلك الفيضانات متزامنة مع تحذيرات أطلقتها «الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخى» التابعة للأم المتحدة، من أثر التغير المناخى على الناس والنظم البيئية وسبل العيش فى جميع أنحاء العالم، وذلك نتيجة الجفاف أو الفيضانات التى تؤثر بشكل غير متناسب فى المناطق الأكثر فقرا والأكثر هشاشة.
بناء على ما تقدم، يمكن القول إن الأطفال فى منطقة الشرق الأوسط هم من بين الفئات الأكثر ضعفا أمام التغيرات المناخية، حيث ستحول السيول والفيضانات دون ذهاب الأطفال إلى المدارس لأيام كما أن اتساع مساحات التصحر سيؤدى إلى انحسار مياه الأنهار فى العراق وقلة الأمطار فى الأردن على سبيل المثال، إلى تعطيل الممارسات الزراعية وإنتاج الغذاء ما يضر بالاكتفاء الغذائى، بسبب القحط المائى. وسيؤدى التغير المناخى بطريقة مباشرة وغير مباشرة إلى انتشار الأمراض من خلال المياه الملوثة.
يعتبر التعليم عنصرا حاسما فى معالجة قضية تغير المناخ، ودعت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ 2007، الدول الأعضاء إلى القيام بحملات توعية وتثقيف للجمهور بشأن تغير المناخ، وضمان مشاركته فى البرامج والوصول إلى المعلومات بشأن هذه القضية. وتعمل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة من خلال برنامجها على تطوير برنامج مستدام بغية مساعدة الناس على فهم تأثير الاحتباس الحرارى، وتثقيف الصغار للحد من «الجهل بالحالة المناخية».
إن الوعى بقضايا التغير المناخى سوف يشجع الناس على تغيير مواقفهم وسلوكهم، كما يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة. ويشكل التعليم عنصرا جوهريا فى فهم التغير المناخى والتأقلم والتقليل من آثاره. ومن هذا المنطلق، تعمل منظمة «اليونيسكو» على برنامج مستدام من أجل التعليم فى مجال التغير المناخى ومساعدة الناس على مواجهة التحديات المناخية بما يتيح لهم من الوسائل. وتنص المادة 6 من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على أنه ينبغى على الدول أن تعمل على تشجيع برامج التعليم والتوعية العامة بشأن تغير المناخ وتيسيرها.
النص الأصلى:من هنا